للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا يقع مشكلة الآن في وصايا الناس؛ تجد الرجل يوصي بوصية وتكون عنده في الدفتر وينساها، ثم يوصي وصية أخرى لو جُمِعَت إلى الأولى لضاق الثلث، وإن عَمِلْتَ بإحداهما نفدت، كذلك تختلف الشروط التي اشترطها فيها؛ مثلًا هذه يقول: الفقراء، وهذه يقول: على طلبة العلم، وهذه يقول: على المساجد، وهذه يقول: على إصلاح الطرق فيُشْكِل على الورثة.

ومن ثَمَّ نقول: أنتم طلاب علم وربما تصلون إلى القضاء، أرشدوا الناس على أنهم إذا أَوْصَوْا وصية يقول: وهذه الوصية ناسخة لما سبق، يُؤْخَذ بقوله هذا أو لا يؤخذ؟ يؤخذ؛ ليش؟ بأي شيء يؤخذ؟ لأن الرجوع في الوصية جائز، فكلما كتب الإنسان وصية ينبغي أن ينتبه إلى هذا، ويقول: هذه الوصية ناسخة لما سبق حتى لا يوقع الموصى لهم والورثة في حيرة فيما بعد، يستريح ويريح إذا قال: هذه الوصية ناسخة لما سبقها، نبهوا على هذا، وانتبهوا له؛ لأن الأمر فيما يُعْرَض علينا، وإن كان لا يُعْرَض من هذه الأمور إلا الشيء اليسير، لكن يجد الإنسان حرجًا، تجدهم يعثرون على وصية لها أربعون سنة مثلًا كتبها ونسيها، ثم أوصى ولم يُشِرْ إلى الأولى؛ لأنه ناس، فنقول: كلما كَتَبْتَ وصيةً اكتب: هذه الوصية ناسخة لما سبقها.

قال: (ولا يملك الرجوع فيها) أي: في العطية، العطية لا يملك الرجوع فيها؛ لأنها لزمت، أعطى هذا الرجل ألف ريال وقبض الألف ريال وانتهى، من صار ملك الألف له؟ المعطى لا يمكن أن يرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>