الشيخ: تصح الوصية منه دون العطية؛ المحجور عليه لسفه إما أن يكون صغيرًا، إما أن يكون مجنونًا، إما أن يكون سفيهًا لا يُحْسِن التصرف، لكنه بالغ عاقل، أما الأول والثاني فلا تَصِحُّ وصيته ولا عطيته، وأما الثالث ففيها قولان؛ قال بعض أهل العلم: تصح؛ لأنه إنما حُجِر عليه لمصلحة نفسه، وبعد موته لا يضره ما ذهب من ماله إلى ثواب الآخرة مثلًا، لكن في النفس من هذا شيء لأن السفيه على اسمه لا يُحْسِن التصرف، فأنا أتوقف في هذا.
طيب، الوصية تَصِحُّ بالمعجوز عنه، والعطية لا تصح؛ يعني: لو أعطى شيئًا معجوزًا عنه؛ كجمل شارد، وعبد آبق، وما أشبه ذلك؛ فإنها لا تصح العطية على المشهور من المذهب، والقول الراجح أنها تصح؛ لأن المعطى إما أن يَغْنَم وإما أن يسلم ما فيه مراهنة، لكن على المذهب لا تَصِحُّ العطية بالمعجوز عنه وتصح الوصية، والصحيح في هذا أن كِلْتَيْهِما تصح بالمعجوز عنه.
الوصية لها شيء معين ينبغي أن يوصي فيه والعطية لا؛ الشيء المعين الذي ينبغي أن يوصي فيه هو الخمس، يعني: الإنسان إذا أراد أن يوصي بتبرع فليوص بالخمس، لدينا خُمُس وربع وثلث ونصف وأجزاء أخرى، لكن هذه أتكلم عليها؛ الوصية بالنصف حرام، الوصية بالثلث جائزة، الوصية بالربع جائزة ولكنها أحسن من الثلث، الوصية بالخمس أفضل منهما من الثلث والربع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين أستأذنه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في أن يوصي بأكثر من الثلث، قال:«الثُّلُثَ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»(٤)، وكلام نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله:«الثُّلُثُ كَثِيرٌ» يُوحي بأن الأولى أيش؟ النقص عنه.
ابن عباس رضي الله عنهما مع ما أعطاه الله من الفَهْمِ يقول: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»(٥) يعني: لكان أحسن.