ولعل قائلًا يقول: أليس الله تبارك وتعالى قَدَّم الوصية على الدَّيْن، فقال:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا}[النساء: ١١]، في الآية الثانية:{يُوصَى بِهَا}[النساء: ١٢]، وفي الآية الثالثة:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢]، {يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢]، فبدأ بالوصية، والقاعدة أنه يُبْدَأ بأيش؟ بالأهم فالأهم؟
فالجواب عن هذا من وجهين؛ أولًا: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدَّيْن قبل الوصية (١).
ثانيًا: أن الحكمة في تقديم الوصية هو الاعتناء بها؛ لأن الوصية لا مُطَالِب بها، والدَّيْن له مُطَالِب، فالوصية لما كانت لا مُطَالِب بها ربما يتوانى الورثة في تنفيذها، أو يجحدونها أيضًا، والدَّيْن لا يمكنهم هذا، لو أنهم توانوا في قضائه فصاحبه يطالب، فهذا هو الحكمة في تقديمها وهو الاعتناء بها؛ لأنها أيش؟ لا مُطَالِب بها، فيُخْشَى أن يتوانى الورثة في تنفيذها أو يجحدوها نهائيًّا، لذلك قُدِّمَت على الدَّيْن.
الخلاصة: يُقْضَى الدَّيْن قبل الوصية، وبعد قضاء الدَّيْن نرجع للوصية وننظر، إن استغرقت أكثر من ثلث الباقي بعد الدَّيْن لم ينفُذْ منها إلا الثلث؛ ثلث الباقي بعد الدَّيْن.
فإذا قَدَّرْنا أن رجلًا عنده أربعون ألفًا، وعليه عشرة آلاف دَيْنًا، وقد أوصى بالثلث، فكم نجعل الوصية في هذه المسألة؟
طلبة: عشرة آلاف.
الشيخ: عشرة آلاف؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ولو أننا اعتبرنا الوصية قبل الدَّيْن لكان ثلاثة عشرة ألفًا وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين وثلثًا، لكننا لا نعتبر الوصية إلا بعد قضاء الدَّيْن، فنُخْرِج أولًا الدَّيْن ثم ننظر ثلث الباقي ونُنَفِّذ منه الوصية.