إذن الزيت المتَنَجِّس تجوز الوصية به، لماذا؟ لأنه يجوز الانتفاع به في الجلود والسفن، وما أشبهها، ففيه منفعة مباحة، بيع الزيت المتَنَجِّس يجوز أو لا يجوز؟ إن قلنا بأنه يمكن تطهيره -وهو الصحيح- جاز بيعه، فيكون كالثوب النجس يجوز بيعه ويُطَهَّر بعد، وإذا قلنا: لا يمكن تطهيره، فإنه فلا يجوز بيعه، والمذهب أنه لا يمكن تطهيره، ولا يجوز بيعه، والصواب خلاف ذلك.
يقول:(وله ثلثهما ولو كثر المال إن لم تُجِز الورثة)، (له) أي: للموصَى له ثلثهما، أي: ثلث الكلب والزيت، (ولو كثر المال) إلا إذا أجازت الورثة صار له كله.
ولنضرب المثال حتى يتضح المقال، رجل أوصى بكلبِ حرثٍ، وعنده ماشية تبلغ مئات الآلاف، لو باع الكلب يسوى عشرة ريالات –مثلًا، والماشية تساوي ملايين، أوصى بكلبه لفلان، لما مات قال الورثة: لا نجيز الوصية، كم يكون من الكلب؟ الثلث، مع أن عندهم مئات الآلاف، فله ثلثه، وقول المؤلف:(ولو كثر المال) إشارة إلى خلاف نذكره إن شاء الله.
وإن أجازت الورثة؟ فله كله.
إذا قال قائل: قوله: (ولو كثر المال) إشارة خلاف، فما معنى الخلاف؟ معنى الخلاف أن مِن العلماء مَن يقول: إنه إذا لم يَزِد على الثلث لو فرضنا له قيمة فإنه لا تُعْتَبَر إجازة الورثة، ويُعْطَى الموصَى له بكل حال، أفهمتم؟
لأن مَنْع الوصية بأكثر من الثلث ليش؟ لحق الورثة، الورثة الآن ما عليهم نقص، الكلب هذا حتى لو باعوه ما يمكن بيعه، فالصواب إذا أن للموصَى له الكلب كله.
حجة الفقهاء رحمهم الله يقولون: إن هذا الكلب لا نظير له في ماله؛ لأن هذا الكلب يجوز الانتفاع به ولَا يُمْلَك، وبقية المال يُمْلَك ويُنْتَفَع به، فهو لا نظير له في ماله، فهو من جنس آخر غير المال، فيكون كأنه مال مستقل فليس للموصَى له إلا ثلثه، لكن الصواب أن له جميعَه.