عُرْفنا الآن الذي جرى عليه أكثر الناس يقول: أوصيتُ بخمس مالي، أو ثلثه يُجعل في أضحية، وعشاء في رمضان، وما أشبه ذلك من المصروفات التي يعرفها الناس من قبل، لكن لو رأى الوصِي -يعني الموصى إليه، الوصي يعني هو الموصى إليه- لو رأى أن يصرف هذا في عمارة المساجد، وطبْع الكتب للمحتاج إليها، وتزويج المحتاجين، وإعانة طلبة العلم فهذا أفضل من أضحية تُذبح ويتنازع عليها الورثة.
وكان الناس فيما سبق لما كانت الأمور قليلة يتنازعون في الأضحية نزاعًا شديدًا حتى لو أخذ أحدهم أكثر من الآخر برطل، تنازع وياه، فنقول: إذا أوصى بالشيء وأطلق فالصحيح أنه جائز ويُصرف إما فيما اعتاده أهل البلد أو على الأصح فيما يرى أنه أفضل.
قال:(يملكه الموصِي كقضاء دينه)، قضاء دينه، يعني أوصى هذا الرجل إلى فلان يقضي دينه، التصرف معلوم ولَّا غير معلوم؟ معلوم حتى لو كان الدَّيْن مجهولًا ما يظهر، لكن التصرف معلوم، يقضي دينه.
الثانية:(وتفرقة ثلثه)، يعني أوصى بثلثه وقال: الوصي فلان، يُفرِّقه في كذا وكذا، هذا التصرف معلوم، وليت المؤلف لم يقل: تفرقة ثلثه، ليته قال: تفرقة خمسه؛ لأنه في أول الوصايا يقول: تسن بالخمس، وإذا كان هذا هو الأفضل فينبغي أن يكون هو مورد التمثيل؛ لأن الثلث مباح، والخمس أفضل، وإذا كان كذلك فينبغي أن نذكر الأفضل حتى يعتاد الناس عليه.
ولهذا الآن أكثر الناس يقول: لفلان ماله الثلث؟ ولو راعينا الأفضل لقلنا: ماله الخمس؟ فليت المؤلف رحمه الله قال: وتفرقة خُمُسِه، أو على الأقل: وتفرقة ما أوصى به؛ لأنه لو قال: الثلث لاعتاد الناس على الثلث.
(والنظر لصغاره)، النظر للصغار أيضًا هذا من التصرف المعلوم، يقول: الوصي على أولادي الصغار من بنين وبنات فلان، يجوز، فيكون هذا الوصي هو الناظِر على الأولاد، يقوم بمصالحهم من نفقة، كِسوة، سَكَن، تربية.