المذهب يملك، فيقول: الوصي في تزويج بناتي فلان، حتى وإن كان لهن إخوة أشقاء، فإنهم لا يُزوِّجونهن؛ لأن ولاية النكاح تُستفاد بالوصية.
لكن هذا القول ضعيف جدًّا؛ لأن ولاية النكاح ولاية مستقلة هي للإنسان ما دام حيًّا، فإذا مات انتقلت إلى من هو أولى شرعًا، فلا تُستفاد، على القول الراجح: لا تُستفاد ولاية النكاح بالوصية.
وقوله: لا تُستفاد بالوصية، يُفهم منه أنها تُستفاد بالقرابة، فلو أوصى أن يُزوِّج بناته أخوهن الأكبر الشقيق يصح أو لا يصح؟ يصح؛ لأنه هو وليهن بعده إلا من تزوجت وأتت بأبناء فأبناؤها أولياؤها.
القول الراجح إذن في مسألة الوصية بالتزويج أنها لا تُمْلَك؛ يعني لا يَملك الموصَى إليه -وهو الوصي- أن يزوج بهذه الوصية على القول الراجح.
لكن إذا أردنا أن نعمل بالقول الراجح وبالمذهب، فكيف نصنع؟ هنا الآن مشكل، أخوهن في بيته، والوصي الآن حضر عند المأذون، فإذا زوَّج الوصي وهو بعيد منهن، فعلى المذهب النكاح صحيح، وعلى ما اخترناه النكاح غير صحيح؛ لأن ولاية النكاح لا تستفاد بالوصية، ماذا نصنع؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: لو قلنا لأخيهن: تعالَ، زَوِّج، الوصي ما له ولاية، نقع في مشكلة؛ أنه لو زوج أخوهن في هذه الحال فالنكاح غير صحيح، إن زوَّج الأخ النكاح صحيح على المذهب، وإن زوج الوَصِي فالنكاح غير صحيح على القول المختار، فماذا نصنع؟
إما أن يُوكِّل أحدهما الآخر، فيقال للأخ: وَكِّل الوصي، أو يقال للوصي: وَكِّل الأخ، وإذا وَكَّل أحدهما الآخر انحلت المشكلة، وإلا يحضران جميعًا عند المأذون ويُزَوِّجان، فيقول الولي: زوَّجتك أختي فلانة، ويقول الوصي: زوجتك بنت فلان بالوصية، إذا أوجبا هذان الاثنان يقول الزوج: قبِلت النكاح. وعلى هذا يكون الإيجاب صادرًا من اثنين والقبول من واحد.