للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: لو علم الموصَى له أن على الميت دينًا، ولكنه أخذ الموصَى به وتصرف فيه؟

فهنا نقول: إنه يضمن، من الذي يضمن الوصِي أو الموصَى له؟ الموصَى له؛ لأن الموصَى له حين تصرف يعلم أنه لا يستحق؛ إذ إن الدين مقدم على الوصية فيكون الموصى له الآن بمنزلة الوارث الذي يضمن.

يقول رحمه الله: (وإن قال: ضع ثلثي حيث شئت؛ لم يحل له ولا لولده). إنسان أوصى إلى شخص، وقال: ضع ثلثي حيث شئت، أو: ضع ثلثي في قضاء الديون، فمات الرجل، فهل يجوز للوصي أن يأخذ شيئًا من هذا الثلث؟ لا، وهل يجوز لولده أن يأخذ شيئًا من هذا الثلث؟ لا؛ لأنه متهم في هذا، فربما يحابِي نفسه ويحابي ولده، ويصرف المال في مَنْ غيرهم أحق به منهم؛ فلذلك قال العلماء رحمهم الله: إنه لا يجوز للوكيل ولا للوصي أن يتصرف لنفسه، أو لأحد من أولاده، وعمَّم بعضهم ذلك وقال: أو ممن لا تُقبل شهادته له، فوسَّعوا الأمر.

ولكن لو قال قائل: في مسألة الوكالة إذا كان الوكيل يريد هذا الشيء، وأخرجه أمام الناس يتزايدون فيه حتى كان آخر سَوْم على هذا الوكيل هل له أن يأخذه؟

كلام الفقهاء لا، والصحيح أنه إذا زالت التهمة فهو كغيره، هذا من حيث النظر، أما من حيث العمل -ولا سيما في زمننا هذا- فينبغي أن يُمنع الوكيل أو الوصِي مطلقًا من أن يصرف الشيء إلى نفسه أو إلى أحد من ذريته؛ من ذكور أو إناث، والعلة هي التهمة، ألَّا يحرص على أن يضع الشيء موضعه.

ذكرنا أنه إذا زالت التهمة بأن أخرج الوكيل الشيء في المزاد العلني ووقف عليه، فالمذهب لا يصح حتى في هذه الحال التي هي بعيدة من التهمة، يقولون: لا يصح سدًّا للباب، وهذا القول من الناحية التربوية أحسن من القول بأنه يجوز أن يأخذه؛ لأننا إذا قدرنا بأن واحدًا من مئة زال الوصف بحقه وهو التهمة فغيره لا يزول.

<<  <  ج: ص:  >  >>