أما الكَمُّ فقال:(ويُسَنُّ نكاحُ واحدةٍ) يعني أن يقتصر على واحدة، فلا يتزوج بأكثر؛ لأن تزوجه بأكثر يعرضه لأشياء قد لا يستطيعها، قد يجور بين الزوجتين، وقد ينشغل بطلب المعاش لهما، وقد يحصل بين الزوجتين مشاكل تُتعِبه وتنغص عليه حياته، والواحدةُ أسلمُ له ولها، فلهذا قالوا: يُسَنُّ أن يقتصر على واحدة، وهذا أحد القولين في المسألة.
والقول الثاني: أن التعدد أفضل، لكن بشرط أن يكون عنده قدرة مالية، وقدرة بدنية، وقدرة حُكْمِية، يحكم بينهما بالعدل، فإن لم يكن عنده قدرة مالية فلا يُسَن له أن يتزوج؛ لأنه سوف يضيف إلى نفسه أعباء هو في غنى عنها، والثاني أيش؟
طلبة: قدرة بدنية.
الشيخ: قدرة بدنية، فإذا كان ضعيفًا فكيف يتزوج ثانية؟ إذا تزوج ثانية لا بد أن يعطل إحداهما؛ لأنه ما عنده قدرة، يمكن إذا أتاها مرة يبقى أربعة أيام أو خمسة أيام ما عادت إليه قوته، فهذا لا يمكن أن نقول: يُسَنُّ لك أن تتزوج؛ لأنك تبقى عبئًا على أهلك.
الثالثة: القدرة الحكمية؛ بمعنى أن يكون قادرًا على العدل، لكن بقدر ما يستطيع، وإلى هذا يشير قولُه تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}[النساء: ٣] أيش؟
طلبة:{فَوَاحِدَةً}.
الشيخ:{فَوَاحِدَةً} يعني: فانكحوا واحدة، {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣]؛ يعني من الإماء.
وعلى هذا فنقول: إن القول الثاني أصح من القول الأول؛ لأن مصالح النكاح توجد في النكاح الثاني، إذا زالت الموانع فالمصالح ستوجد، سيكون فيه تحصين فرج المرأة الثانية، والقيام بنفقتها، وتقليل العوانس من النساء، كثرة النسل، وغير ذلك من المصالح، فإذا تمت الشروط الثلاثة فالصواب أنه يُسَن التعدد.
يأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا.
طالب: الذين قالوا باستحباب النكاح فلا يوجبونه، هل يوجبونه على الأمة كلها إذا تركت بالنكاح؟
الشيخ: ما عندنا أمة إذا تركنا النكاح، إذا تركنا النكاح منين يجينا العيال والأولاد؟