وإن كان أراد إثبات حكم الإباحة فالمسألة فيها قول آخر: أن نظر الخاطب إلى مخطوبته على سبيل الإباحة وليس على سبيل الاستحباب. ولكن الصواب أنه على سبيل الاستحباب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته لا سيما إذا كان يتوهم فيها عيبًا.
فإن الرسول أمر الخاطب أن ينظر، قال:«فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا»(٧). وهذا يدل على أن الناظر يُدقِّق النظر، يدقق النظر إذا نظر إلى مخطوبته.
ثم إن من الفوائد في نظر الخاطب إلى مخطوبته، من الفوائد: أن يدخل على بصيرة، وكذلك المرأة تدخل على بصيرة؛ لأن المرأة قد تتوهم الخاطب على غير واقعه، قد تتوهم رجلًا وسيمًا، أحمر، أسود، حسب ما يَرُوقُ لها، ولكن إذا نظرت إليه وإذا هو على خلاف ما توقَّعت، فحينئذ لها أن ترفض.
وكذلك هو أيضًا ربما يتوهم المرأة التي خطبها جميلة وسيمة، فإذا بها تمشي حالها، وحينئذ لا يُقدِم عليها، فالنظر إلى المخطوبة فيه فائدة للطرفين: للزوج، وللزوجة، لكن له شروطًا نذكرها إن شاء الله في المستقبل، وخلاصة بحثنا هو، أولًا: أنه يختار الرجلُ امرأةً دَيِّنةً، أجنبيةً، بكرًا، ولودًا، بلا أم، ما الذى حذفنا من هذه الأوصاف؟
طلبة: بلا أم.
الشيخ: قوله: (بلا أم) هذا لا نوافق عليه، ونقول: إن الإنسان لا يختار مَن ليس لها أم على مَن لها أم، بل يرجع إلى الأوصاف التي يختارها على حسب ما جاءت به السنة.
طالب: وأجنبية يا شيخ؟
الشيخ: إي، أجنبية، أيضًا أجنبية حذفناها.
طالب: هل يُفَسَّر قوله يا شيخ؛ إذا كانت الفتاة غيرَ ذاتِ دين وخطبها غيرُ ذي دين.
الشيخ: معناها أننا أضفنا حَشَفًا إلى حشفٍ، أنت اختر ذات الدين ولو كنت ضعيف الدين.