كما أنه خلاف القياس الصحيح، لو أراد الأب أن يُجْبِر ابنته على أن تبيع خاتمها الذي لا يساوي مئة ريال، هل يستطيع أن يجبرها، أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، لا يستطيع أن يجبرها على بيع شيء من مالها ولو كان بشيء زهيد، فكيف يستطيع أن يجبرها على بيع نفسها في الواقع؛ لأن النكاح مثل الأجرة، قال الله تعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[النساء: ٢٤]، فالنكاح مثل الإجارة، بل إني أضرب مثلًا أقرب من هذا، لو أن رجلًا طلب من هذه المرأة أن تُؤْجِر نفسها لمدة يومين لخياطة ثياب وهي عند أهلها، وقالت: والله ما عندي استعداد هذه الأيام أن أخيط، هل يملك أبوها أن يُجْبِرَها على ذلك؟
طالب: لا.
الشيخ: لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا؟
طالب: لا يملك.
الشيخ: لا يملك، والآن هذه الإجارة سوف تستغرق من وقتها يومين فقط، وهي أيضًا عند أهلها، فكيف يجبرها على أن تتزوج مَن ستكون معه في نكد من العقد إلى الفراق؟ هذا لا يمكن.
فإجبار المرأة على النكاح مخالف للنص المأثور وللعقل المنظور، مخالف للأثر والنظر، فالصواب أنه لا يجوز أن يُجْبِرَها على النكاح.
ولكن لو قال قائل: دَعُونَا من البالغة العاقلة، نوافقكم على أنها لا تُجْبَر، لكن لو أراد الإنسان أن يجبر بنته الصغيرة التي لها عشر سنوات أن يجبرها أو يزوِّجها بلا إذنها؛ لأنه لاحظوا أنه إذا قيل بالإجبار فتزويجها بدون أن تعلم من باب أولى، لو أراد الإنسان يزوِّج بنته ذات العشر سنين وزوَّجها، طبعًا بدون إذنها، هل يملك ذلك أبوها؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يا جماعة!
طلبة:( ... ).
الشيخ: ما يملك، ما دُمْنَا اشترطنا الرضا لا يملك، فإن قيل: ما الجواب عن قصة عائشة مع الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فنقول: على العين وفوق الرأس، لكن نريد منك أن تُؤَمِّن لنا ثلاثة أشياء؛ أن تؤمن زوجًا كالرسول، وولِيًّا كأبي بكر، وبنتًا كعائشة، فيه ولَّا ما فيه؟