فإن قال قائل: زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام محرمات على التأبيد؛ لقوله تعالى:{وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}[الأحزاب: ٥٣] قلنا: نعم، لكن هذه انقضى حكمها الآن، انقضى حكمها بماذا؟ بموتهن، ولا حاجة إلى أن نذكر ذلك إلا إذا كنا نسوق خصائص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا بأس أن نقول: من خصائصه أن زوجاته بعده لا يَتَزَوَّجْنَ.
ثم قال:(ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب)(يحرم بالرضاع) الباء هنا للسببية أي: يحرم بسبب الرضاع ما يحرم بسبب النسب؛ الدليل قوله تبارك وتعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: ٢٣]، ولم يقل: وبناتكم اللاتي أرضعنكم؟
طالب: ما يأتي.
طالب آخر: مستحيل.
طالب ثالث: لا يستطيع.
الشيخ: ليش؟
طالب: لا يتصور.
الشيخ: لا يتصور؛ نعم؛ لأن بنتك أرضعتك! لو أرضعتك ما صرت ولدًا لها، لكن أمك يمكن، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»(٤) وهذا عامٌّ، اعْدُد المحرمات من النسب، كم هن؟
طالب: سبع.
الشيخ: سبع، وبالتصنيف؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: لا، بالتصنيف؟ ثلاثة أصناف؛ لأن الرابع هي الملاعنة، بالتصنيف ثلاثة أصناف، أو أربعة؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: إي، أربعة، بالتصنيف أربعة، إذن ما يقابلهن من الرضاع حرام لقوله:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».
ثم استدرك المؤلف استدراكًا مستدركًا، يعني: هو استدرك ونحن نستدرك عليه، قال:(إلا أم أخته وأخت ابنه) ونحن نقول: هذا لا حاجة للاستثناء فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أطلق؛ «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» ولننظر الآن، إلا أم أخته من الرضاع، أم أختك من الرضاع حلال لك؟