للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما السنة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» (١٤)، ومعلوم أن الشروط يجب الوفاء بها، الشروط في البيع يجب الوفاء بها، الشروط في الإجارة يجب الوفاء بها، الشروط في الوقف يجب الوفاء بها، فأحق الشروط أن يُوفي بها هي الشروط في النكاح؛ لأنها التي استحللنا بها الفروج؛ إذ لولا التزامنا بهذا الشرط لم نتمكن من التزوج بهذه المرأة التي اشترطت فحين إذن لم نستحل فرجها إلا أيش؟ إلا بهذا الشرط، والصواب أن الوفاء بالشروط في النكاح واجب.

أما كونه هو الموافق للمروءة والأخلاق؛ فلأنه ليس من كريم الخلق أن تتزوج امرأة على أنك لا تتزوج عليها ثم إذا أفسدتها وانتهكت بكارتها وصارت كاسدة بين الناس تذهب وتتزوج عليها، هذا ليس من المروءة وليس من الشيم.

لكن إذا قال: أنا اشترطت ذلك عند العقد؛ لأنني في ذلك الوقت ما وجدت امرأة وقلت: أمشي الأمور، والآن ما أطيق أن أصبر على امرأة واحدة أريد أخرى، نقول: أرضِ زوجتك الأولى حتى تُسْقِطَ حقها من الشرط وحين إذن تزوج، أما ما دامت متمسكة به فإنك لا تملك أن تنتهكه.

لكن المشكل يشكل على هذا أن يقول: إذن أطلقها وأستريح. نقول: أما الطلاق فلا نمنعك، لا نمنعك من الطلاق؛ لأنه حق لك، لكن في هذه الحال نقول: لعل من المروءة أن تقول لها: أنا لا أستطيع أن أفي بهذا الشرط، وأنت بالخيار إن شئت طلقتك وإذا طلقتك سقط الشرط، وإن شئت بقيتِ وألغي الشرط، وهذا أقصى ما يكون؛ لأنه مشكلة الزوج له حق في أن يطلق، وإن كان في هذا شيء من الغرارة على المرأة لكن الحمد لله على كل حال.

قال: (وإذا زوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ على أن يزوِّجَه الآخر وَلِيَّتَه ففعلا ولا مهرَ بينهما فلا .. ) إلى أخره؛ هذا النوع الفاسد المفسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>