المهم على كل حال، العيوب تنقسم إلى قسمين: عيبٌ يثبت بوجوده الفسخ، فهذا لا يُشْتَرط للفسخ نفيه. وعيبٌ لا يثبت به الفسخ، فهذا يُشْتَرط نفيه للفسخ، وإذا لم يَنْفِه فلا فسخ له.
كيف تمثل لقوله:(أو نفي عيب لا ينفسخ به النكاح)؟ أمثل بالعمى، الصمم، البكم، العرج، الأمثلة كثيرة.
(فبانت بخلافه فله الفسخ، وإن عتقت تحت حر فلا خيار لها، بل تحت عبد)
(إن عتقت) الضمير يعود على الزوجة، (تحت حر فلا خيار لها بل) إذا عتقت (تحت عبد).
وصورة المسألة أن تكون الزوجة مملوكة والزوج حرًّا، فأعتقها سيدُها فليس لها خيار، لماذا؟ لأنها الآن لما عتقت صارت حرة، ولكنها لم تكن بمنزلةٍ أعلى من الزوج؛ لأن الزوج حر، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خيَّر بريرة حين عتقت على زوجها، وقال:«اخْتَارِي؛ إِنْ شِئْتِ فَاسْتَمِرِّي مَعَهُ، وَإِنْ شِئْتِ فَانْفَسِخِي مِنْهُ»(٩)، فاختارت الفسخ، وكانت تبغض زوجها مغيثًا، وكان زوجها مغيث يحبها حبًّا شديدًا حتى كان يتتبعها في أسواق المدينة، يريد منها ألَّا تفسخ، ولكنها أبت، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له عندها، فشفع له النبي عليه الصلاة والسلام، قال: ابقي مع زوجك، قالت: يا رسول الله، إن كنت تأمرني فسمعًا وطاعة، وإن كنت تشير عليَّ فلا رغبة لي فيه، وأصرت، المهم أنها خُيِّرت على زوجها حين عتقت؛ لأن زوجها كان مملوكًا حين ذاك، كما جاء في الحديث، وكان عبدًا أسود، لكن لو عتقت تحت حر فإنه لا خيار لها؛ لأنها صارت بمنزلته، ليست أعلى منه.
لكن قد يشكل عليكم كيف تكون أمة تحت حر؟ هل يجوز للحر أن يتزوج الأمة؟
نقول: يجوز بشروط ذكرها الله عز وجل في سورة النساء، فقال:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٥].