للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقولون: إن الجلد إنه عَيْنٌ نَجِسَة، والعين النجسة لا يمكن أن تَطْهُر، وهذا في الحقيقة التعليل واضح جدًا؛ أنه لا يطهر لأن نجاسته عَيْنِيَّة، وأما الذي يَطْهُر بزوال خبثه فهو النجاسة الحكمية، كنجاسة طرأت على ثوب ثم غَسَلْناه حتى ذهبت، هذا واضح أنه يطهر، لكن أما الجلد فلا.

إذن فقد اعتمدوا على قياس واضح؛ أنه لا يَطْهُر بالدباغ.

طيب، هذا واحد قطع قطعة لحم من ميتة، وطبخها حط فيها قَرَظ وكل ما يُنَظِّف، قال: الآن طَهُرَت، ويش تقولون؟

طلبة: ما تَطْهُر.

الشيخ: ما تَطْهُر، إذن الجِلْد مثلها ما يطهر، ولكن هذا القياس في مقابلة النص، ما هو النص؟ حديث ميمونة رضي الله عنها أن الرسول عليه الصلاة والسلام مَرَّ بشاةٍ يَجرُّونها، فقال: «هَلاَّ أَخَذْتُمْ إِهابَها؟ » قالوا: إنها ميتة، قال: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» (٢٠)، وهذا صريح؛ يطهرها الماء والقَرَظ وهي ميتة يجرونها بَرًّا، فقال: خذوا جلدها، فقالوا: إنها ميتة، قال: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظ»، بعد هذا نقف ولا لا؟ نقف.

لكن قالوا: هذا الحديث منسوخ؛ لأنه يروى أن عبد الله بن عكيم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلينا قبل أن يموت بشهر أو شهرين: «أَلَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ، بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» (٢١).

فقالوا: إن هذا الحديث ناسخ لحديث ميمونة، والله عز وجل يمحو ما يشاء ويثبت، الجواب على هذا الحديث:

أولًا: الحديث ضعيف، ولا يمكن يقابل الحديث الذي في مسلم.

ثانيًا: الحديث ليس بصريح في النسخ؛ ليس بناسخ؛ لأن ما ندري هل شاة ميمونة قبل أن يموت بشهر، ربما قبل أن يموت بأيام؟ ومن شرط القول بالنسخ العلم بالتاريخ، إذن ما يتحقق النسخ فيه.

ثالثًا: أنه لو ثبت أنه متأخر، فإنه لا يعارض حديث ميمونة؛ لأن قوله: «لَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» يحمل على الإهاب قبل الدبغ، وحينئذ يجمع بينه وبين حديث ميمونة.

<<  <  ج: ص:  >  >>