(مع علمه) أي بالعيب. الضميران مختلفان، (وجدت منه دلالته) الضمير يعود على الرضا (مع علمه) أي بالعيب؛ أي: يعلم العيب. مثاله: امرأة مكَّنت نفسها من زوجها، تمكينها من زوجها وهو معيب دليل على الرضا، واضح؟
لكن إذا كانت لا تعلم فإن حقها من الفسْخ لا يسقط، وإن كانت لا تعلم فإن حقها من الفسخ يسقط؛ لأن تمكين زوجها من الاستمتاع بها مع علمها بالعيب دليل على رضاها بذلك، فلا يكون الفسخ بعد هذا.
فإن مكنته من نفسها وهي لم تعلم، فما الحكم؟ لها الخيار إذا علمت؛ لأن تمكينها صادر عن غير علم.
(ولا يتم فسْخ أحدهما إلا بحاكم) لم يقل: ولا يتم فسخها، ولم يقل: لا يتم فسخه، بل قال:(أحدهما)؛ لأن العيب قد يكون في الزوج دون الزوجة، أو في الزوجة دون الزوج.
(إلا بحاكم) إذا سمعتم كلمة حاكم في كلام الفقهاء فالمراد به القاضي؛ لقول الله تعالى:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}[ص: ٢٦].
فإذا وجَدَت المرأة في زوجها عيبًا، فقالت: أريد الفسخ، ثم أشهَدَت رجلين، قالت: إني قد فسخت النكاح، فإنه لا يتم الفسخ، لماذا؟ لأنه ليس بحكم حاكم، حتى تذهب إلى القاضي، وتطلب منه أن يفسخ النكاح، وإلا فلا.
إذا قال قائل: لماذا يفتقر هذا الأمر إلى فسْخ الحاكم، مع أن هذا حقٌّ لها؟
أرأيتم لو وجد بالسلعة التي اشتراها عيبًا، هل يفسخ، أو يذهب إلى الحاكم ويقول: افسخ؟
الأول: يَفسخ. فلماذا لا يكون هذا مثله؟
قلنا: هذا لأنه عقد نكاح، فيُحتاط له أكثر؛ ولأنه ربما يأتي قاضٍ يرى أن هذا العيب الذي من أجله فسخت ليس عيبًا، فيحكم ببقاء النكاح، فإذا ذهب إلى الحاكم وفسخ العقد صار هذا حكمًا وحُكم الحاكم لا يُنقض؛ ولأن ذلك أحوط في الواقع، أحوط لئلا يقع النزاع.
قد يقول الزوج: هذا ليس بعيب، وتقول هي: إنه عيب، وما أشبه ذلك.
إذا تم الفسخ، فهل عليها عدة، وهل لها مهر، أو ماذا؟