الثالث:(يحرم هجره)، يعني مسلم يحرم هجره، أفادنا المؤلف رحمه الله أن من المسلمين من لا يحرم هجره؛ وذلك أن الهجر ينقسم إلى أقسام، أولًا: من يجب هجره، وذلك كصاحب البِدعة، الداعي إلى بدعته، إذا لم ينتهِ إلا بالهجر فإنه يجب علينا أن نهجره، وجوبًا؛ لأن في الهجر فائدة، وهو ترك الدعوة إلى البِدْعة، فإذا وجدنا شخصًا يدعو الناس إلا القول بخلق القرآن، أو إلى أن الله تعالى في كل مكان، وجب علينا أن نهجره، فلا نُسلِّم عليه، ولا نرد عليه السلام، ولا نجيب دعوته، ولا نتحدث إليه حديث الصديق؛ لأن هجره هنا فيه مصلحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أمر بهجر من فعل محرمًا، وفاعل المحرم أهون ممن يدعو إلى البدعة؛ لأن البدعة مستمر دعوته إليها، وفاعل المحرم فَعَلَهُ وانتهى.
من الذين أمر الرسول بهجرهم مع فعل المعصية؟ هم الثلاثة الذين خُلِّفوا (١٧): كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، أمر النبي عليه الصلاة والسلام بهجرهم، حتى إن الواحد منهم يسلم على قريبه الذي هو أحب الناس إليه، ولا يرد عليه السلام، إذن إذا كان هذا الداعي ممن يجب هجره كصاحب بدعة يدعو الناس إليها وجب علينا، بل حرم علينا أن نجيب دعوته، كذا؟ ونحن الآن في سبيل تقسيم الهجر.
القسم الثاني: من هجره سُنة وليس بواجب، الهجر المستحب الذي ليس بواجب، وهو هجر فاعل المعصية التي دون البدعة إذا كان في هجره مصلحة، كهجر إنسان يحلق لحيته، حلق اللحية حرام، فإذا رأينا شخصًا قد أصر على ذلك، وكان في هجره مصلحة وهو الرجوع إلى حظيرة السنة، فالهجر هنا أيش؟ سنة، هجره سنة، حتى يرجع، وكذلك يقال: في شارب الدخان، وكذلك يقال: في الموظف في جهات ربوية.