قد يقول قائل: تعارض عندنا أمران؛ وجوب الدعوة وتحريم الحضور، فيقال: الدعوة هنا إجابتها غير واجبة؛ لأن هذا الذي يريد أن يقر المنكر لا حرمة له، ولا يجاب، حتى لو كان أقرب قريب إليك لا تُجبه، ما دمت تعلم أن ثمة منكرًا، وأنك لا تقدر على تغييره، لا تحضر، لو كان أقرب الناس إليك، فإذا قال: هذا الذي دعاني وهو من أقاربي إلى وليمة فيها منكر، إن لم تحضر فزوجتي طالق، إن لم تحضر فزوجتي طالق، وكان هذا آخر تطليق للزوجة .. أقول له: وإن شئت فطلق الأخرى، ولا يمكن أن أحضر؛ لأن طاعة الله ورسوله أوجب من أن أحضر إليك، ثم إنك أنت الآن لا حق لك، أنت الذي أهنت نفسك بإحضار المنكر، ونصارحه في هذا، نصارحه، ربما إذا صارحناه عدل عما يريد، وأزال المنكر، فالمجاملة في دين الله غير جائزة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[القلم: ٩]، لا تجامل.
فإذا قال قائل: هذا في حقوق هذا ابن عمي وقريبي وزوجته سوف تطلق أقول: أنا ما .. لم أكلفه شططًا، بل أنا كلفته أمرًا سهلًا، يسلم به من الإثم، ويسلم به من سوء السمعة، ويسلم به من إنفاق المال، مصالح كثيرة، ما أركبته شططًا حتى أقول: إني عاق، أو إن كان أبًا أو قاطعًا إن كان غير أب.
يقول:(وإلا أبى) إذا لم يقدر فإنه يأبى. طيب إن ظن ولم يعلم فالأصل وجوب الإجابة، الأصل وجوب الإجابة، فيحضر، ثم إنْ تحقق ظنه تأتي الحالة الأخيرة أنه إذا علم به بعد الحضور فإن قدر على تغييره غيره وإلا انصرف، ولهذا قال:(وإن علم به) لا ما ذكره، إذا كنت أظن أن في الدعوة محرمًا وأنا لا أستطيع التغيير، فهل أذهب أو لا؟ أجيبوا يا جماعة.
طلبة: يجب.
الشيخ: يجب أن أذهب؛ لأن الدعوة الآن محققة، ووجوب الإجابة محقق، والمنكر محقق ولَّا غير محقق؟
طالب: غير محقق.
الشيخ: غير محقق، وما ليس بمحقق لا يمكن أن يُسقط محققًا، فاذهب ثم إن وجدت منكرًا وصدق ظني غيرته، فإن لم يمكن انصرفت.