للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيحرم عليه أن يطأها في الحيض؛ لأن الله نهى عنه وبيَّن الحكمة من ذلك بكونه أذى؛ أذى للزوج أو للزوجة أو لهما؟ لهما جميعا، أذى للزوج لتلطخه بالدم النجس، وأذى للزوجة لأنها تتضرر إذا وطئها في الحيض تضررًا عظيمًا، ربما تتمزق أوعية الدم من داخل الفرج والغشاوات التي جعلها الله تعالى في داخل الفرج، ربما تتمزق وتتضرر المرأة بذلك، فلهذا سماه الله أذى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} أي في مكان الحيض وهو الفرج، وأما ما عداه فلا بأس به، قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض (١٧).

فله أن يستمتع بالحائض في كل شيء إلا الوطء في الفرج، له أن يقبلها ويضمها ويجامع بين الفخذين، كل التمتعات إلا الوطء في الفرج، لا تقربوهن حتى يطهرن، والمراد بالقربان المنهي عنه هو الجماع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ» (١٨). {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، تطهرن يعني اغتسلن، والدليل على أن الاغتسال يسمى تطهرًا قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦].

وأما قول ابن حزم وطائفة من العلماء: إن المعنى: فإذا تطهرن، أي أنقين فروجهن من الحيض، فهذا غلط عظيم؛ لأن هذا لو كان المراد بذلك أن تغسل الدم لقال: فإذ طهُرن من الدم، وهنا أضاف التطهر إليهن جميعًا، وهذا لا يكون إلا برفع الجنابة، أي بالغسل من الحيض، فيحرُم وطؤها في الحيض، فإن فعل فهو آثم، وهل تأثم المرأة؟ نقول: إن مكنته فهي آثمة، وإن لم تمكنه ولكن أكرهها فهي غير آثمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>