ثم قال:(ويحرُم جمع زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما)، يعنى أنه لا يجوز للإنسان إذا كان له زوجتان أن يجعلهما في مسكن واحد، يعنى في بيت واحد، لماذا؟ لأنه يُفْضِي إلى النزاع والخصومة، ومعروف ما بين النساء من الغيرة، فيحصل بذلك شر كثير وتتنكد عيشته، نفس الزوج تتنكد عيشته، هما في مكان واحد سيكون بينهما شجار ونزاع، ثم إذا ذهب إلى واحدة منهن سوف تعلم بذلك أيش؟ الأخرى، وربما تتسمع إليه مع الثانية، فلذلك قال العلماء: إنه يَحْرُم؛ لِمَا في ذلك من إفضائه إلى النزاع والخصومة، (إلا برضاهما) إذا رَضِيَتَا بذلك فلا حرج، مثل أن تكون زوجته الأولى امرأة كبيرة عاقلة تعرف أن الرجل محتاج إلى امرأة أخرى، وأنه قليل ذات اليد، فاستأذنها أن يجعل امرأته الجديدة معها في المنزل، فقالت: أهلًا وسهلًا ما فيه مانع، فإذا رضيت لا بأس، ولكن إذا رضيت ثم غضبت يُخْرِجُها أو لا؟
الظاهر أنه يُخْرِجُها؛ لأن حق المرأة يتجدد كل يوم بيومه، وقد ترضى المرأة في أول الأمر، ثم بعد ذلك إذا رأت من الزوج ميلًا إليها ولو قليلًا أو وهمًا غضبت، وقالت: أَخْرِجْها عني، أبعدها عنى، أنا ولَّا هي، ما يمكن تقعد معي، في هذه الحال نقول له أن يحتجّ عليها بأنها أَذِنَت؟
الجواب: لا؛ لأن حقها يتجدد، كما لو وهبت يومها لإحدى الزوجات، ثم بعد ذلك رجعت، فلها الحق، لكن إذا قال: إن عنده عمارة لها شقة فوق، وشقة في أسفل، هل يجمعهما؟ نعم؛ لأن كل شقة منفردة عن الأخرى، والمحذور الذي ذكره الفقهاء رحمهم الله زائل في هذه الصورة، فليس لها الحق أن تقول: أَبْعِدْهَا عني حتى في العمارة، اطلب لها عمارة أخرى، أو شارعًا آخر، وهل تقول: أو بلدًا آخر؟