هل يجب أن يعدل بين زوجاته في الهبة والعطية أو لا؟ يقول الفقهاء رحمهم الله: أما في النفقة الواجبة فواجب، وما عدا ذلك فليس بواجب، فمثلًا إذا كان قد أعطى كل واحدة ما تحتاجه من النفقة، وصار يأتي للأخرى بالحُلي والفُرُش والخدم، والسيارة أيضًا، اشترى لها سيارة بهيجة طيبة والأخرى يُرْكِبُها على حمار، يقول الفقهاء: إنه لا حرج عليه، جائز؛ لأن الواجب هو الإنفاق، وقد قام به، وما عدا ذلك فإنه لا حرج عليه فيه.
لكن هذا القول ضعيف، والصواب أنه يجب أن يعدل بين زوجاته في كل شيء يقدر عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ»(١٤).
إذا تزوج جديدة على الأولى فمعلوم أن حاجة الجديدة ستكون ليس لها سبب بالنسبة للأولى، الجديدة سوف يعطيها مهرًا ويشتري لها حُليًّا، ويشترى لها غرفة نوم، وأشياء وأشياء، فهل يلزمه أن يعطي الأولى مثلها؟ لا؛ لأن هذا تابع للنفقة، ولا تقل الأولى: أنت والله أعطيتها –مثلًا- خمسين ألفًا مهرًا، أعطني خمسين ألفًا، نقول: لا، أنتِ مهرك سبق، قالت: مهري كان النساء رخيصة، ولا أعطيتني إلا عشرين ألفًا، كمِّل اليوم، نقول: اليوم يمكن مهرك أقل من عشرين ألفًا بعد، فلا نوافق على هذا، لكن ما يتطلبه النكاح بالنسبة للمرأة الجديدة لا يلزمه أن يعطي الأولى مثلها.
يقول:(عمادُه الليل لِمَن معاشُه النهار، والعكس بالعكس).
(عماده) أي: القسم، (الليل لمن معاشه النهار)، وهؤلاء هم أكثر الناس، أكثر الناس معاشهم بالنهار، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١٠، ١١]، لكن قد يكون بعض الناس معاشه في الليل، كالحارس الذي يحرس الأسواق في الليل، وما أشبه ذلك، نقول: مَن كان معاشه في الليل فعمادُه؟