الوجه الثاني: أن تهب يومها لامرأةٍ معيَّنةٍ فتقول الأولى: قد وهبتُ يومي للثانية. فيتعيَّن للثانية، ولا يحلُّ له أن يجعله لامرأةٍ أخرى؛ دليل ذلك أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها لما خافت أن يطلِّقها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لكِبَر سِنِّها وهبتْ يومَها لعائشة (١)، واختارت سودةُ عائشةَ لأنها أحبُّ نسائه إليه، فأرادت أن تهبه لمن يحب عليه الصلاة والسلام، وهذا من فقهها وشفقتها على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أمَّا كونه من فقهها فلأن رسول الله لو طلَّقها لن تبقى من أمهات المؤمنين، ولن تكون زوجةً له في الآخرة، وأمَّا كونه من شفقتها على الرسول فلأنها وهبتْه لأحبِّ نسائه إليه. فصار إذا وهبتْ قَسْمها للزوج على وجهين:
الوجه الأول: أن تجعله له، فعلى كلام المؤلف يجعله لمن شاء من الزوجات، والصحيح أنه لا يملك أنْ يجعله لمن شاء؛ لأن هذا جورٌ؛ فإن إسقاط المرأة حقَّها معناه أنه لم يكن له إلا ثلاث زوجات الآن، فإما أن يقال: يوفر هذا اليوم على الثلاث جميعًا ويكون مدار القَسْم على ثلاثة، وإما أن يُقرع.
الوجه الثاني: أن تهبه لامرأةٍ معيَّنةٍ، فهنا لا يتعدَّاه الزوج.
طيب، إذا قال الزوج بعد أن وهبتْه لواحدة معيَّنة قال: أنا لا أريده عسى أني أقوم بيومها، كيف تجعل لها يومين؟ ! ماذا نصنع؟
نقول: ردَّ الهبة، فيبقى اليوم لمن وهبتْه؛ يعني للواهبة، ثم إن شاءت وهبتْه مرَّةً أخرى إلى امرأة ثانية، وإلا أسقطت حقَّها والزوج يجعل المدار على ما بقى من الزوجات.