وقول المؤلف رحمه الله:(لضَرَّتها بإذنه) يُفهم منه أنه لو لم يأذن ولم يقبل فإنه لا ينتقل إلى الموهوب لها؛ يعني لا بدَّ أن يرضى، الحقُّ حقُّه، لو كانت امرأة مثلًا لا ترغب الزوج لسبب من الأسباب وقالت: إنها لا ترغب أن يَقْسم لها وقد جعلتْ قَسْمها لفلانة. قال: لا أقبل. قالت: أجعلُهُ لك، أعطِهِ مَن شئتَ. قال: لا أقبل، أنا أريد أن آتي إليك. هل تملك إسقاط حقه؟ لا، ولهذا قال:(بإذنه).
(فإنْ رَجَعَتْ قَسَمَ لها مستقبلًا)(إنْ رَجَعَتْ) يعني رجعتْ في هِبَتها (قَسَم لها)، لماذا؟ قالوا لأنها هبةٌ لم تُقبض.
وهل يقضي ما مضى؟ لا؛ لأن ما مضى قد قبضه وانتهى منه، أما المستقبل فهو هبةٌ غير مقبوضة فلها أن ترجع فيه، أنتم فاهمين هذا؟
مثال ذلك: امرأة وهبتْ قَسْمها لزوجة أخرى؛ قالت: يومي لفلانة. مضى على ذلك شهران، ثم رجعت وقالت: رجعتُ، أريد أن تقسم لي. هل لها الحق في الرجوع؟
طالب: نعم.
الشيخ: الجواب: نعم، لأي شيء؟ لأنها وهبتْ شيئًا لم يُقبض. لكن هل تُطالب بقضاء ما مضى؟
الطلبة: لا.
الشيخ: لا، لأنه قد قُبِض وانتهى.
وظاهر كلام المؤلف أنها لو رجعتْ فلها ذلك مطلقًا، لكن ينبغي أن يُقيَّد بما إذا لم تتلاعب بالزوج، فإن تلاعبتْ به؛ أسبوعًا تهبُ يومها لفلانة، والأسبوع الثاني لفلانة، والأسبوع الثالث لفلانة، والأسبوع الرابع تهوِّن تقول: أريد أنا، هنا إذا تلاعبت فللزوج الحرية في أن يقول: لا أقبل، وسوف أقسم لكِ يومكِ، شاءتْ أمْ أَبَتْ.
(فإنْ رَجَعَتْ قَسَمَ لها مستقبلًا، ولا قَسْمَ لإمائِهِ وأمهاتِ أولاده، بل يَطَأُ مَن شاءَ متى شاءَ).