للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذهب يقولون: إن الطلاق على عِوَضٍ طلاقٌ، يُحسَب من الطلاق، ويستدلُّون لذلك بأن امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنها وعنه أيضًا لما كَرِهتْه قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». لأن الحديقة مهرٌ لها، قالت: نعم يا رسول الله أرُدُّ عليه حديقتَه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها -وهو ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه- قال: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» (٩). وقالوا: وهذا دليلٌ على أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق فهو طلاق؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «طَلِّقْهَا»، فدلَّ ذلك على أنه إذا طلَّقَها وَقَع الطلاق. وهذا استدلالٌ قويٌّ من حيث اللفظ، والأول -الاستدلال بالآية- قويٌّ من حيث المعنى، ولذلك المسألةُ متردِّدة بين القول بأنه إذا وقع بلفظ الطلاق كان فَسْخًا أو كان طلاقًا، لكن الخروج من هذا الإشكال بماذا؟ بأنْ يقول: فسَخْتُ زوجتي أو خالعتُها على عِوَضٍ قدره كذا وكذا. ولهذا ينبغي لطالب العلم إذا كتبَ مُخالَعةً بين زوجين ألَّا يقول: طلَّقَها على عِوَض، بل يقول: خالَعَها، فارَقَها، فاداها، وما أشبه ذلك، حتى لا يُوقِع مَن بعده في إشكال.

***

قال المؤلف: (مَنْ صحَّ تَبَرُّعُه من زوجةٍ وأجنبيٍّ صحَّ بَذْلُهُ لعِوَضِهِ).

(مَنْ صحَّ) شَرْط، أين جوابه؟ (صحَّ بَذْلُهُ لعِوَضِهِ) أي: لعِوَض الخلع.

يعني: أيُّ إنسانٍ يصح تبرُّعه (من زوجةٍ وأجنبيٍّ) يعني: من الزوجة، (صحَّ بَذْلُهُ) أي: بَذْل المتبرِّع (لعِوَضه) أي: لعِوَض الخلع. ومَن المبذول له؟

الطلبة: الزوج.

الشيخ: الزوج، طيب.

وقول المؤلف: (مَن صحَّ تبرُّعُه) احتراز ممن لا يصح تبرُّعُه؛ كالصغير ونحوه فإنه لا يصح أن يتبرَّع، أو ولِيِّ اليتيم أو ما أشبه ذلك لا يصح أن يتبرَّع، لكن مَن صحَّ أن يتبرَّع بالمال صحَّ أن يبذل عِوَض الخلع للزوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>