ولكن شيخ الإسلام رحمه الله تَبَعًا لابن عباسٍ ولظاهرِ القرآن يقول: إنَّ كلَّ طلاقٍ على عِوَضٍ فهو خلعٌ لا ينقص عدد الطلاق ولا يُحسَب عليه. وذكرنا دليله وهو قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، يعني: إنْ شاءَ راجَعَ وأَمْسَكَ وإنْ شاءَ سَرَّحَها، ثم قال بعد ذلك:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، وهذا يدل على أنها إذا افتدتْ نفسَها وفارقها الزوجُ فليس بطلاقٍ؛ لأنه قال بعده:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، ولو كان الفداء طلاقًا لكان الطلاقُ أربعًا.
لكن كيف نواجه ربَّنا عز وجل يوم القيامة وقد قال رسوله صلى الله عليه وسلم:«اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»(٩)؟ إذَنْ إذا وقع الخلعُ بلفظ الطلاق صار طلاقًا وإنْ كان على عِوَض، أفهمتم يا جماعه؟
وعلى هذا ينبغي للإنسان إذا أراد أن يكتب المخالَعة ألَّا يقول: طلَّقَ زوجتَه بعِوَضٍ قدره كذا وكذا. وإنما يقول أيش؟
طالب: خالَعَ.
الشيخ: خالَعَ زوجتَه. ويستفيد من هذا فائدتين عظيمتين:
الفائدة الأولى: أن هذا لا يُحسَب عليه طلاقًا.
الفائدة الثانية: أنها تعتدُّ بحيضةٍ واحدةٍ، فالمخالعة لا تعتدُّ بثلاث حِيَض، وإنما تعتدُّ بحيضةٍ واحدةٍ ثم تنتهي عدَّتها وتحلُّ للأزواج؛ وذلك لأن المطلَّقة تعتدُّ بثلاث حِيَضٍ ليطول الوقت حتى يراجع المطلِّق نفسَه فيراجعها، والمختلعة ليس له رجوعٌ إليها، ولهذا ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أن المختلعة تعتدُّ بحيضةٍ واحدةٍ، وهو القول الراجح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. هاتان فائدتان: