ولهذا أنا أعتقد أن القول الراجح أن الطلاق في الحيض لا يقع، والطلاق في طهر جامع فيه لا يقع؛ لأنه خلاف ما أمر الله به ورسوله، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ (١٤)، لكن أرى أنه إذا دعت الحاجة إلى إلزام الناس بالطلاق إذا طلقوا في الحيض أو في الطهر الذي جامعوا فيه، أرى أن هذا هو السياسة الشرعية؛ لأن الشرع جاء ليصلح الخلق، لا لتلاعب الخلق. ولنا في هذا أسوة، من أسوتنا في ذلك؟ عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنْ يَكُنْ فِيكُمْ مُحَدَّثُونَ فَعُمَرُ»(١٥)، أي مُلْهَمُونَ للصواب فعمر بن الخطاب؛ ولهذا يقال: إن عمر بن الخطاب الْمُوَفَّق للصواب، جميع اجتهاداته تكون غالبًا صوابًا، لا سيما في هذه المسألة الكبيرة التي بدأ الناس يتلاعبون، وإذا ضاقت عليهم الحيل قال: أنا طلقت في حيض. دائمًا يعالجوننا في الاستفتاء، إذا قال: طلقت في حيض، قلت: راجعها، قال: هل تحسب عليَّ؟ راجعها يا رجّال. هل تحسب علي؟ علشان أيش؟ يتوفر لديه ثلاث طلقات. نقول: يا أخي راجع الآن، وعد نفسك أنك لن تعود للطلاق، والحمد لله طلقة واحدة إذا حسبت عليك ما هي مشكلة. لكن لا، يريدون أن يقال لهم: هذه لا تُحْسَب عليكم، من أجل أن يكون عندهم النصاب كاملًا.
فعلى كل حال نحن نرى أن الطلاق في الحيض لا يقع، وفي طهر جامع فيه لا يقع، لكن نرى أنه من السياسة إذا تتايع الناس في هذا وصاروا لا يبالون، أن نلزمهم به ونقول: أنت رضيت لنفسك أن تطلق بالحيض فلنلزمك بما رضيت لنفسك.