للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآن وصل كلامه بالتفسير (ما أحلَّ الله عليَّ حرامٌ؛ أعني: به الطلاقَ) تطلق ثلاثًا؟ وجه ذلك أن (أل) للعموم، وعموم الطلاق هو الثلاث. على القول الراجح كم تطلق؟

طلبة: واحدة فقط.

الشيخ: واحدة، بارك الله فيكم.

(وإن قال: أعني به طلاقًا فواحدةٌ) ليش؟ لأن (طلاقًا) ليس فيها ما يفيد العموم، (طلاق) مصدرٌ مطلقٌ، والمطلق يصدق بواحدة، فإذا قال: (أعني به طلاقًا) طلقت واحدة.

والصحيح في هذه المسألة أنها تطلق طلقة واحدة ولو قال: أعني به الطلاق؛ لأن الطلاق الثلاث لا يقع إلا إذا كانت كل واحدة مستقلة عن الأخرى.

(وإن قال) يعني: لزوجته، (كالميتة) يعني: أنت كالميتة (والدم والخنزير وقعَ ما نواهُ من طلاقٍ وظِهَارٍ ويمينٍ، وإن لم يَنْوِ شيئًا فَظِهارٌ).

هذه تختلف عما سبق؛ ما سبق قال: أنت عليَّ حرام، أو قال: ما أحل الله علي حرام، هنا قال: أنت كالميتة والدم، نقول: يقع ما نواه من طلاقٍ وظهارٍ ويمينٍ.

كيف ذلك؟ (كالميتة) الميتة حرام على الإنسان، لكن تحريمها عارضٌ، ويحتمل أن معنى قوله: (كالميتة) يعني: في كراهتي لكِ لا في التحريم؛ لأن كل إنسان يكره الميتة.

(الخنزير) والقائل هنا مسلم، أما لو قاله نصراني فالخنزير عنده أشهى اللحم، إذا قال لزوجته: أنت عليَّ كالخنزير؛ يعني: من أحبه حبًّا كثيرًا؛ لأن النصراني يحب لحم الخنزير، لكن كلامنا مع من؟ مع المسلم، قال: أنت علي كالخنزير، هل المراد التحريم؟ يحتمل، أو المراد الكراهة؟ يحتمل؛ ولهذا قال: (وقع ما نواه من طلاقٍ وظهارٍ ويمينٍ).

لكن هل يمكن أن يقول الإنسان لزوجته هذا الكلام أو ما يمكن؟ يمكن يا إخواني، مع المغضبة كل شيء يكون، يمكن يقول: أنت كالميتة، كالخنزير، كالذيب، كل ما شاء مما لا يؤكل؛ لأن الإنسان عند الغضب لا يدري ما يقول، أحيانًا يصل الغضب إلى درجة لا يدري الإنسان أهو في السماء أو في الأرض، وربما سقط بعضهم مغشيًّا عليه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>