فهذه المسائل تحتاج إلى عمق، وتحتاج أن الإنسان ينظر في المصالح، الآن مثلًا يرى بعض علمائنا الأجلاء أن كشف المرأة وجهها لا بأس به بناء على اجتهاداته، والناس ملتزمون في أن تغطي النساء وجوهها، ماشيين على هذا، هل من الحكمة أن ينشر هذا الرأي؟ لا، ليس من الحكمة، ما دام الناس ملتزمين على أمر لا تراه أنت حرامًا ليس لك أن تنشر شيئًا يخالفه، أنت بنفسك ترى أن الأفضل تغطية الوجه، فلماذا تنشر وتجادل وتجمع أدلة مُلَفَّقَة غير صحيحة تدل على أن تغطية الوجه ليس بواجب، هل الناس تركوا واجبًا إذا غطت النساء وجوهها؟ لا، ما تركوا واجبًا، بل فعلوا ما هو الأفضل في حقهم عندك أنت، فكيف تفتح لهم باب التساهل.
ومثل هذه المسائل كثيرة، إذا رأى مثلًا الناس ملتزمين بجريان الربا بين الأوراق النقدية، تعرفون الأوراق النقدية؟ الفلوس، بعض الناس يقولون: ما فيه ربا، أبدل دولارًا بعملة سعودية بتفاضل وتأخيرِ قبضٍ وكل شيء، ما فيها شيء، يرى هذا، نحن لا نُنْكِر عليه رأيه النظري، لكن هل من الأوفق أن ينشره بين الناس حتى يتساهلوا في أمر التزموا به؟ لأنه لو نُشِر هذا المذهب لرفعت البنوك راياتها إلى الثريا؛ لأن عمل البنوك الآن على هذا الرأي عمل شرعي صحيح؛ لأنهم يقولون: أصلًا ما فيه ربا في الأوراق، فلنا أن نتعامل بتفاضل وبتأخيرِ قبضٍ وبكل شيء.
لكن هذا القول لا شك أنه قول خطأ، خطأ من الناحية التربوية، ومن الناحية النظرية، حتى لو قلنا: إنه صواب، فلا يسوغ لنا أن نفتي الناس بخلافه، أي بأنه يجوز التفاضل والتأخير.
فالمهم يا إخواني أنتم إن شاء الله طلبة علم ومقبلون على خير، انتبهوا لهذه النقطة، وهي تربية الناس على الأصلح حتى يتبين.