جابر بن عبد الله رضي الله عنه حَضَرَهُ قوم، فقام وصَلَّى بإزاره وأعلى بدنه مكشوف، ورداؤه معلَّق في الْمِشْجَب، ما هو بعيد، وأيهما أفضل؛ أن يصلي بردائه أو بعدمه؟ الأول بلا شك، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»(٣)، وهو يعلم هذا، ولذلك لما صلى بإزاره أنكر عليه واحد، قال: كيف تفعل هذا؟ قال: فعلت هذا ليراه أحمق مثلك. (٤) كيف تنكر عَلَيَّ شيئًا لا بأس به؟ فترك الأفضل هنا من أجل إزالة الوهم، هذه السياسة الشرعية، فانتبهوا لهذا، وأوصيكم بها، الأمور النظرية قد لا يكون من المصلحة إفشاؤها بين الناس، إلا إذا ارتكبوا محرَّمًا فهذا لا بد من بيان الحق.
***
طالب: لم تطلُقْ قبلَه، ولو قال: عَجَّلْتُه، وإن قال: سَبَقَ لساني بالشرطِ ولم أُرِدْه، وقعَ في الحالِ، وإن قال: أنتِ طالقٌ، وقال: أردتُ إن قمتِ لم يُقبَلْ حُكْمًا.
وأدواتُ الشرطِ: إنْ، وإذا، ومتى، وأيُّ، ومَنْ، وكُلَّما، وهي وحدَها للتكرارِ، وكلُّها (ومهما) بِلا (لَمْ) أو نِيَّة فَوْر أو قرينته للتَّراخي، ومع (لَمْ) للفورِ، إلا (إِنْ) مع عَدَمِ نيَّةِ فورٍ أو قرينة، فإذا قال: إن قمتِ، أو: إذا، أو: متى، أو: أي وقت، أو: مَنْ قامَتْ، أو: كلَّما قُمتِ فأنتِ طالقٌ، فمتى وُجِدَ طلُقتْ، وإن تكرَّر الشرطُ لم يتكرَّر الحِنْثُ إلا في (كلَّما).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، سبق لنا أن تعليق الطلاق بالشروط جائز، وأنه مُعْتَبَر على قول جمهور العلماء، وذلك لأن الإنسان لا يكلَّف إلا ما نطق به.
وسبق لنا أن مِن شَرْطه أن يكون من زوج، فلو قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، ثم تزوجها، لم تطلق؛ لأنه حين قال ذلك ليس زوجًا لها، وإن قال: كل امرأة أتزوَّجها فهي طالق، فتزوَّج، يقع الطلاق أو لا؟ لا يقع إلا من زوج.