مثال ذلك: رجل قال لزوجته: أنتِ طالق إن دخلتِ الدار، ثم قال: إن كلمة (إن دخلتِ الدار) سبق لساني بها وأنا ما أردتها، ماذا نقول له؟ نقول: الآن طلقت، ما يحتاج أن تدخل الدار أو ما تدخل.
تعليل ذلك أنه أقرَّ على نفسه أيش؟ بما هو أغلظ فقُبِلَ منه.
(وإن قال: سَبَقَ لساني بالشرطِ ولم أُردْه طلقت في الحالِ، وإن قال: أنتِ طالقٌ) لزوجته، (وقال: أردتُ: إن قمتِ، لم يُقبلْ حُكْمًا).
هذا عكس المسألة الأولى، الأولى أبطل الشرط الموجود، والثانية ادَّعَى شرطًا محذوفًا، قال لزوجته: أنتِ طالق، قالت: الحمد لله، خلاص انتهى ما بيني وبينك، قال: لا، أردتُ إن قمتِ، يُقْبَل أو لا يُقْبَل؟
طلبة: لا يُقْبَل.
الشيخ: لا، إن قلنا: لا يُقْبَل، غلط، إن قلنا: يُقْبَل، غلط، نقول: هذا يُدَيَّن فيما بينه وبين الله.
طالب: يرجع إلى النية.
الشيخ: هو يقول، الآن يدعي، يقول: إنه أراد هذا، يعني أراد أنه إن قامت، أراد الشرط، يقول المؤلف:(لم يُقْبَل حكمًا)، يعني بمعنى أنهما إذا ترافَعَا إلى الحاكم فإن الحاكم لا يقبل منه، لماذا؟ أخذًا بظاهر كلامه، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ»(٧)، والذي سُمِعَ من هذا الرجل الطلاق الْمُنَجَّز غير معلَّق، فلا يُقْبَل.
لكن لو أن المرأة قد وَثِقَت من زوجها وعلمت أنه صادق، أنه أراد بقوله: أنتِ طالق، إن قمتِ، فلها أن تصدقه، بل يجب عليها أن تصدقه إذا كان ثقة في نفسه، ولا حاجة أن يذهبوا إلى القاضي.
فمعنى (لم يُقْبَل حُكْمًا) يعني: لو ترافَعَا إلى القاضي، وهو الحاكم، لم يقبل القاضي ذلك اعتمادًا على ظاهر كلامه، والقاضي إنما يقضي بنحو ما يسمع.