الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى في تعليق الطلاق بالشروط، وقد مضى الكلام على ذلك، وذكرنا أن من العلماء مَن يقول: إن تعليق الطلاق بالشروط لاغٍ؛ لأن الطلاق لا يكون إلا مُنَجَّزًا، وبَيَّنَّا أن هذا القول ضعيف، لكن التعليق بالشروط ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون محضًا، وإما أن يراد به معنى اليمين، فإن كان محضًا فإنها تطلق بمجرد وجود الشرط.
مثال المحض: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، فهذا تعليق محض، متى طلعت الشمس طلقت، وهذا لا أظن أحدًا يختلف فيه ممن قال: إن الشرط في الطلاق صحيح.
والثاني: أن يريد معنى اليمين، وهو المنع، أو الحث، أو التصديق، أو التكذيب، فمن العلماء من ألحقه بالأول، وقال: إنها تطلق بمجرد وقوعه، ومن العلماء من قال: إن حكمه حكمُ اليمين، ما لم يُرِد الطلاق.
مثال ذلك، إذا قال: إن كلمت زيدًا فزوجتي طالق، هذا يحتمل أنه أراد أيش؟ مجرد الشرط، وعلى هذا تطلق بمجرد أن تكلم زيدًا، ويحتمل أنه أراد ألَّا تكلم زيدًا ولم يُرِد الطلاق وزوجته عنده غالية، لكن أراد ألَّا تكلم زيدًا فقال: إن كلمتِ زيدًا فأنت طالق، فمن العلماء مَن ألحقه بالأول، أي: بالشرط المحض، وقال: إنها تطلق، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.
ومن العلماء من قال: إذا نوى بذلك معنى اليمين فإنه يمين، فإذا حصل الشرط فعليه كفارة يمين، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ثم اعلم أن هذا تارة يظهر فيه أنه أراد اليمين، وتارة يظهر فيه أنه أراد الطلاق، وتارة نشك، فمن الأشياء التي يظهر فيها أنه أراد اليمين إذا قال: إن كلمتُ زيدًا فزوجتي طالق، فهنا يظهر أنه أراد أيش؟
طالب: اليمين.
الشيخ: أراد اليمين؛ لأن زوجته ما لها علاقة بالموضوع، فهنا يظهر أنه أراد اليمين، فنُفْتِيه بمجرد أن يسألنا نقول: كَفِّر كفارة يمين إذا كنا نرى هذا.