وتارة يظهر أنه أراد الطلاق، مثل أن يقول لزوجته: إن شاهدتِ الدش فأنتِ طالق، هذا يظهر منه أنه أراد أنها إذا تَدَنَّت إلى هذه الحال فإنها لا تصلح أن تكون امرأة له، فهذا يغلب على ظننا أنه أراد الطلاق، فإذا استفتانا عن هذه المسألة وقال: إنه قال لزوجته: إن نظرتِ إلى الدش فأنتِ طالق، قلنا: طلقت امرأته.
وتارة يحتمل هذا وهذا، مثل أن يقول لزوجته: إن لبستِ هذا الثوب فأنتِ طالق، فهذا يحتمل أنه أراد اليمين أو أراد الطلاق، فهنا لا نُفْتِيه حتى نسأله نقول: ماذا أردت؟
وفي المسألة التي قلنا: نحكم عليه بأنها تطلق، لو قال: لم أرد الطلاق، وطلاقها أكره إلَيَّ من مشاهدتها الدش، قلنا: إذن هذا حكم أيش؟ حكم اليمين؛ لأننا نعلم أنه إنما عَلَّق الطلاق على ذلك لأنه يكرهه، لا لأنه يكرهها هي.
وهذه مسائل دقيقة يجب على الْمُفْتِي أن يتحرى فيها تمامًا.
ولو قال قائل: إنه إذا كثر استعمالها في الناس فإننا نُجْرِيها عليهم على أنها طلاق، لو قال قائل لم يكن ذلك بعيدًا، من باب؟
طلبة: سد الذرائع.
الشيخ: التربية وعدم التسرع في الطلاق، واقتداءً بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، حيث منع الناسَ رجوعَهم إلى زوجاتهم إذا طَلَّقُوا ثلاثًا لئلا يتتايعوا فيه (١).
الآن نبدأ بهذا الفصل، وهذا اللي قلتم الأخير هذه هي أصول تعليق الطلاق بالشروط، وأنا أحب من طلاب العلم أن يرجعوا إلى الأصول؛ لأن المسائل الجزئية مسائل تطير وينساها الإنسان، لكن إذا رزقه الله عز وجل التأصيل وفهم الأصول وتنزيل المسائل الجزئية عليها، فهذا هو الراسخ في العلم.
يقول:(إذا علَّقه بمشيئتِها بـ (إِنْ) أو غيرِها من الحروف لم تطلُقْ حتى تشاءَ ولو تراخَت).
مثل أن يقول: أنتِ طالق إن شئتِ، فمتى شاءت طلقت، سواء في الحال أو بعد مدة، ولهذا قال:(لم تطلق حتى تشاء ولو تراخت).