واستطردنا بذكر ما يفعله بعض الناس إذا شك هل أحدث أو لا، ذهب يُحدِث ليقطع عنه الشك، وهذا غلط؛ الذي يقطع الشك هو الأخذ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٦). إذن الشك في الطلاق إذا وقع من موسوس كثير الشكوك لا عبرة به.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله الحكم، فقال:(من شكَّ في طلاقٍ أو شَرْطِهِ) وينبغي أن يزيد: أو عين المطلقة، لكن هذا لما كان فيه التفصيل أهمله المؤلف في هذا الكلام، قال:(من شكَّ في طلاقٍ أو شَرْطِهِ لم يَلْزَمْه).
(شك في طلاق) يعني هل طلَّق أو لا؟ فلا يلزمه الطلاق؛ لأن الأصل بقاء النكاح، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في المتطهِّر يشك هل أحدث:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٦).
(أو شك في شرطه) يعني علق الطلاق على شرط، وشك هل وقع هذا الشرط أو لا؟ فإن الطلاق لا يقع؛ لأنه شك في سببه، والأصل عدم الطلاق، مثل أن تخرج امرأته للسوق فيشك هل قال: إن خرجتِ إلى السوق فأنتِ طالق أو لا؟ فإن الزوجة لا تطلق؛ لأن الشك في شرطه كالشك في أصله.
(وإن شكَّ في عَددِه فطلْقةٌ، وتباحُ له).
الشك في عدد الطلاق الأصل، البناء على الأقل، ولهذا قال:(فطلقة)، هذا إذا شك هل طلق ثلاثًا أم واحدة؟ أما إذا شك هل طلق ثنتين أم ثلاثًا فكم يلزمه؟ يلزمه اثنتان.
والخلاصة أن الشك مرفوض مطروح، إن شك في ثلاث أو واحدة فهي واحدة، في ثلاث أو ثنتين فهما اثنتان.
قال:(وتباح له) أي تباح له الزوجة التي شك في عدد طلاقها، أو شك في طلاقها.
(فإذا قال لزوجتيه: إحداكُما طالقٌ، طلُقتِ المَنْويةُ وإلا من قُرِعَتْ).