للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: (حرمت عليه حتى يطأها زوج)، ولم يقل المؤلف: حتى تنكح زوجًا كما جاء في القرآن، ولو عبَّر به لكان أحسن؛ لأنه كلما أمكن أن تعبر بلفظ النص القرآني أو النبوي فهو أفضل بلا شك، لكن المعنى واحد؛ لأن قوله: (حتى يطأها زوج) لم يقل: حتى يطأها رجل. لو قال: حتى يطأها رجل، لحلت بالزنا، إذا زنا بها رجل، لكن لما قال: (زوج) عرفنا أن هذا الوطء حلال.

وقول المؤلف رحمه الله: (زوج)، لا يمكن أن يكون زوجًا حتى يعقد عليها عقدًا صحيحًا بشروطه وأركانه. إذن فلا بد أن يكون النكاح صحيحًا، وعلى هذا فلو وطئها من نكحها ليحلها للأول لم تحل للأول؛ لأن نكاح التحليل باطل، فلا تحل للأول.

مثال ذلك: رجل طلَّق زوجته ثلاث مرات، وكانت غالية عنده جدًّا، فقال لأحد أصحابه: يا فلان، طلقت زوجتي، وندمت ندمًا عظيمًا، وهي أم أولادي. أريد منك أن تتزوجها، وأنا عليَّ المهر، وعليَّ جميع تكاليف النكاح، فإذا جامعتها فطلِّقها. ففعل محتجًّا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (٧). وقال: أتزوجها، يتزوجها ويطؤها ويطلقها معونة لأخيه. هل تحل للأول أو لا تحل؟

طلبة: لا تحل.

الشيخ: لا تحل لا للأول ولا للثاني؛ أما الأول فلأن الثاني وطئها بعقد غير صحيح، وأما الثاني فلأن عقده غير صحيح ما تحل له؛ ولهذا جاء الحديث: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» (٨).

طيب، إذن لا بد أن يكون النكاح بعد استيفاء الثلاث أو الثنتين، لا بد أن يكون صحيحًا.

(يَطَأَهَا زَوْجٌ في قُبُل)، يعني لا في دبر؛ يعني لو تزوجت زوجًا بنكاح صحيح وجامعَهَا في الدبر، ثم طلقها، فإنها لا تحل للأول؛ لأن الدبر ليس مكانًا للوطء.

وقوله: (ولو مراهقًا) إشارة خلاف؛ لأن بعض أهل العلم يقول: لا بد أن يكون الثاني بالغًا. والمراهق من قارب البلوغ، ولكن القول الراجح كلام المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>