للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما لو قال: أنتِ طالق ثلاثًا، فهي واحدة. أو قال: أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق، فهي واحدة. أو قال اليوم: أنتِ طالق، وبعد عشرة أيام قال: أنتِ طالق، ثم قال بعد عشرة أيام أيضًا: أنتِ طالق، فهي واحدة؛ لأنه لا يمكن أن يقع الطلاق إلا على زوجة، والمطلقة غير زوجة، ولأن الطلاق الثاني الذي حصل به التكرار طلاق لغير العدة؛ لأنها لا تستأنف العدة به، وقد قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].

وهذا الذي قررته اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن أكثر العلماء على خلافه، وأن قوله: أنتِ طالق ثلاثًا، أو أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق، أو: أنتِ طالق اليوم، ثم بعدئذٍ بعد يوم أو يومين يقول: أنتِ طالق، وبعد يوم أو يومين يقول: أنتِ طالق؛ فإنه يكون ثلاثًا، هذا الذي عليه الجمهور.

سند القول الأول أنه واحدة: حديث عبد الله بن عباس: كان الطلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فلما تتايع الناس في الطلاق الثلاث، وهو مُحرَّم، قال عمر رضي الله عنه: أرى الناس قد تعجَّلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم (١١).

إذن فحرمان الزوج من الرجعة فيما إذا طلق ثلاثًا بلفظ واحد، أو بألفاظ متعاقبة كان من سياسة عمر رضي الله عنه حتى يرتدع الناس، ولا يُطلِّقوا هذا الطلاق المحرَّم.

فهل نقول: إنه يُشرع لنا إذا كثر الطلاق الثلاث في الناس أن نُلزمهم به؟ الظاهر نعم؛ لنكون بذلك أخذنا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسُنة الخلفاء الراشدين؛ ولهذا من طريقتي أنا أنه إذا جاءني رجل، وقال: إنه طلق زوجته ثلاثًا لأول مرة، أردها عليه، أقول: راجعها وهي زوجتك، فإذا جاء المرة الثانية وقال: طلقتها ثلاثًا أو الثالثة، فأمنعه؛ اتباعًا لسنة عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>