( ... ) الوسط ليس غضبًا باردًا ولا حارًّا، يدري ما يقول، لكن مضغوط عليه في الغضب، كأن أحدًا أكرهه، فهذا محل خلاف بين العلماء، منهم من يقول: إن قوله نافذ وعمله نافذ كغير الغضبان، وهذا هو المشهور من المذهب، وعلى هذا فإذا طلق الرجل زوجته وهو غضبان لكنه يملك نفسه فالطلاق يقع.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يقع الطلاق في هذه الحال؛ لأنه كالمكره عليه، فإن بعض الناس إذا غضب يكون كالمكره على أن يقول أو يفعل، ولهذا ربما يلعن والديه أو نحو ذلك فيندم سريعًا، نعم أنا بشعوري وأعقل لكن غصبًا علي، فهذا على القول الراجح لا حكم لقوله؛ دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(١)، إغلاق يعني: تضييق على الإنسان.
نرجع الآن إلى كلام المؤلف في الإيلاء، يقول: إنه يصح من الغضبان، وهل هذا على إطلاقه؟ الجواب: لا، الغضب المنتهي اللي هو غاية الغضب لا يقع به الإيلاء مطلقًا على كل قول، وقد حكى الاتفاق عليه ابن القيم في كتابه المعروف إغاثة اللهفان في عدم وقوع طلاق الغضبان قال: هذا متفق عليه؛ إذا كان الإنسان مغمى عليه ما يدري ما يقول، فهذا لا يقع طلاقه ولا إيلاؤه ولا ظهاره. إذا كان في أول الغضب يقع أو لا يقع؟ في أول الغضب يقع؟
طلبة: نعم، يقع.
الشيخ: نعم يقع؛ لأن هذا غضب بارد لا يثير الإنسان إذا كان وسطًا بينهما؟
طلبة: فيه خلاف.
الشيخ: ففيه خلاف على ما ذهب إليه المؤلف.
طلبة: يقع.
الشيخ: يقع، وعلى القول الراجح لا يقع.
قال:(وسكران) السكران هو الذي شرب الخمر. والسكر: التغطية، ومنه قول الناس: سكر الباب، يعني سكه، يعني أغلقه، فالسكران هو ذهاب العقل على وجه اللذة والطرب، يعني الذي شرب المسكر فهذا رجل شرب مسكرًا، ومعلوم أن الإنسان إذا سكر صار بمنزلة المجانين تمامًا، فسكر الرجل وفي أثناء هذيانه قال: والله لا أجامع زوجتي لمدة ستة أشهر، هل يقع الإيلاء أو لا يقع؟