للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طيب، يصح أن نجعل جلد الهرة سقاء صغير، إذا دبغناه؟ على المذهب واضح، على القول الثاني يصح؛ لأنه طَهُر.

فمدار الخلاف الآن على الطاهر في الحياة؛ جلد الحيوان الطاهر في الحياة.

وهذا هو أحد القولين في هذه المسألة أن مناط الحُكْم على طهارة الحيوان في حال الحياة؛ فما كان طاهرًا في الحياة فإنه يباح استعماله بعد الدبغ في يابس، ولا يطهر على المذهب، وعلى القول الثاني يطهر، فيه قول ثالث: إن جِلْدَ الميتة يَطْهُر بالدباغ، لكن بشرط أن تكون الميتة مما تُحِلُّه الذكاة؛ يعني: مما يؤكل، أما ما لا تحله الذكاة فإنه لا يطهر، وهذا القول هو الراجح.

وعلى هذا فجلد الهر وما دونه في الخلقة لا يَطْهُر؛ ودليل هذا القول أن في بعض ألفاظ الحديث «دِبَاغُ جِلُودِ الْمَيْتَةِ ذَكَاتُهَا» (٢٣) فعبَّر بالذكاة، ومعلوم أن الذكاة لا تُطَهِّر إلا ما يُؤْكل ويُباح أكلُه؛ لو أنك ذبحت حمارًا وذكرت اسم الله عليه وأنهر الدم وقطعت الوَدَجَيْن والحلقوم والمريء، يحل؟ ما يُسَمَّى ذكاة.

على هذا نقول: جلد ما يَحْرُم أكلُه ولو كان طاهرًا في الحياة، لا يَطْهُر بالدباغ، الدليل هو: «دِبَاغُ جِلُودِ الْمَيْتَةِ ذَكَاتُهَا».

وفيه أيضًا تعليل: أن الحيوان الطاهر في الحياة إنما جُعِلَ طاهرًا لمشقة التحرُّز منه لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ» (١٢)، وهذه العلة بعد الموت باقية ولَّا منتفية؟ منتفية، وعلى هذا فَيَعُود إلى أصله وهو النجاسة، فلا يَطْهُر بالدباغ.

وهذا القول هو الراجح، وعليه فيكون القول الراجح في هذه المسألة: أَنَّ كلَّ حيوان مات وهو مما يُؤْكَل؛ فإن جِلْده يَطْهُر بالدباغ، مفهوم؟ هذا هو القول الراجح، وهو أحد قَوْلَي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وله قول ثانٍ يوافق القول الذي أشرنا إليه من قبل: أن ما كان طاهرًا في الحياة فإن جلده يَطْهُر بالدبغ.

ثم قال: (وَلَبَنُهَا)، أيش (لبن)؟

<<  <  ج: ص:  >  >>