للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَبَنُها) أي: الميتة، إذا قيل: أين مرجع الضمير؟ قلنا: قوله: (ولا يَطْهُر جلدُ ميتةٍ).

لبن الميتة نَجِسٌ وإن لم يتغير بها؛ ليش؟ لأنها نجسة، هي حرام نَجِسَة، لكن اللبن ويش شأنه؟ قالوا: لأنه مائع لاقى نَجِسًا فتَنَجَّسَ به، هو مائع، مثل ما لو سقطت فيه نجاسة؛ مائعٌ لاقى نجسًا فتنجَّس به، وإلا فهو في الحقيقة منفصل عن الميتة وهي في حال الحياة؛ لأن هذا الضرع وعاء له، بمنزلة الإناء، لكنهم يقولون: إنه لما ماتت نَجُسَت، فيكون هذا اللبن قد لاقى نجاسةً فيَنْجُس بذلك.

واختار شيخ الإسلام أن لبن الميتة طاهر بناءً على اختياره -رحمه الله- بأن الشيء لا يَنْجْس إلا بالتغير، فقال: إذا لم يكن هذا اللبن متغيِّرًا بدم الميتة وما أشبه ذلك فإنه يكون طاهرًا.

والذي يظهر لي في هذه المسألة أن القول الراجح المذهبُ؛ لأنه وإن كان قد انفصل واجتمع في الضرع قبل أن تموت فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النجاسة؛ لأن النجاسة محيطة به من كل جانب، فهو يسير، ثم إن الذي يظهر سريان العفونة؛ عفونة الموت إلى هذا اللبن المائع؛ لأنه ليس كالماء في قوة دفع النجاسة فيكون نجسًا.

ثم لو قلنا بأن هذا فيه نظر من حيث قاعدة: لأن القاعدة عندنا: أن ما لا يتغير بالنجاسة فليس بنجس، وهذه قاعدة محكمة عظيمة، فإنا نقول: هذا من باب الاحتياط، والأخذ بعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]، وهذا اللبن الذي لم يزل في الضرع قد يكون داخلًا في هذا العموم. فالمهم أن الاحتياط البُعدُ عنه.

طالب: يجيز شربه ( ... ).

الشيخ: إي نعم، يجيز شربه؛ لأنه عنده طاهر.

***

(وكلُّ أجزائها نَجِسَةٌ) اليد، والرجل، العين، الرأس، كل الأجزاء نجسة لعموم قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، والميتة يطلق على كل الحيوان ظاهره وباطنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>