للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول ضعيف؛ لأن الله عز وجل أطلق الإطعام ولم يبين نوعه ولا جنسه، قال: {إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فلو قدر أننا في مكان لا يتغدى الناس فيه إلا باللحم، أجزأ اللحم على هذا القول.

طلبة: لا يجزئ.

الشيخ: على هذا القول يجزئ؛ لأنه طعامهم، والله عز وجل يقول: {إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}، ولو كنا في مكان لا يتغذى أهله إلا بالتمر أجزأ أو لا؟

طالب: أجزأ.

الشيخ: أجزاء؛ فالصواب أن الإطعام يحصل بما يطعمه الناس في كل وقت ومكان بحسبه.

(ولا يجزئ من البر أقل من مد، ولا من غيره أقل من مدين لكل واحد) يعني إن كثر الإطعام مد من البر ونصف صاع من غيره، وهذا معنى قوله: (أقل من مدين)؛ وذلك لأن الصاع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، فالمد: ربع الصاع، البر يجزئ فيه نصف صاع، نعم نصف صاع عن الصاع.

فإذا كان الواجب في غير البر أن يطعم نصف صاع لكل واحد، فعليه في البر ربع الصاع أي مد، وهذا التقدير ليس له أصل إلا في حديث واحد؛ وهو حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه حين حلق رأسه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بفدية أو صيام أو نسك، وقال في الفدية -فدية الصدقة- «أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» (٤)، وهذا مُقدَّر في فدية الأداء.

وظاهر قوله: «لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» أنه لا فرق بين البُرِّ وغيره.

والفقهاء رحمهم الله يقولون: إن البر على النصف من غيره، فإذا كان نصف صاع لكل واحد، فمن البُرِّ ربع الصاع.

وقوله رحمه الله: (إنه لا يجزئ أقل من ذلك) فيه نظر، والصواب أن إطعام المساكين له حالان:

الحال الأولى: أن يُطعم ستين مسكينًا غداء أو عشاء؛ لأنه يصدق عليه أنه أطعمهم، فيأتي بعشرة اليوم يعشيهم، وكل يوم عشرة يعشيهم غير الأولين، كم تكون؟ كم من يوم؟

طلبة: ستة أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>