بقي أن يُقال: إذا قال: إنكِ وطئتِ بشبهة، أو مكرهة، أو نائمة، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى تعتدَّ بثلاثة قُروء، أو لا يلزمه إلا بحيضة واحدة، أو لا يلزمه مطلقًا؟
هذه ثلاثة احتمالات، أقر الرجل أنها وُطئت وهي نائمة أو مكرهة، الآن أقر بأنها وطئت، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى يعلم أن رحمها بريء نقي، إما بثلاثة قروء أو بقرء واحد يحصل به الاستبراء، أو لا يلزمه أن يتجنبها؟ كم الاحتمالات؟ ثلاثة، أصح هذه الاحتمالات أنه لا يجتنبها، بل ينبغي أن يبادر بجماعها حتى لا تلحقه الوساوس فيما بعد، ويقول: إن حملها ليس مني، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى بأن الوَلَد للفِرَاشِ -وهو الزوج- ولِلْعاهِرِ الْحَجَرُ (١)، فهذا قضاء الرسول عليه الصلاة والسلام، وما دام هذا قضاءَه فلا يلحقنا حرج.
ومن العلماء من قال: يجب أن تُستبرأ بحيضة لاحتمال أن يكون حملت، ولا تلزمها العدة؛ لأن العدة إنما تجب في النكاح.
ومنهم من قال: تلزمها العدة ثلاثة قروء، وإذا كانت تُرضع، وقلنا بهذا القول، كم باقٍ عليها؟ في الغالب أن التي تُرضع لا تحيض، وإذا كانت بدأت بالرضاع من الآن تبقى سنتين، مشكلة هذه.
المهم أن أصح الأقوال في ذلك: أنه لا يلزمها عدة ولا استبراء، وأننا نحب ونرغب أن يبادر بجِماعها حتى إذا حملت لم يكن في قلبه شك بالنسبة للولد.
هذه مسألة مهمة يا إخوان، أحيانًا تُغتصب زوجة الرجل، ويأتيها رجل فاجر، ويعلم الزوج وهي تعلم أنه حصل الجِماع، فالقول الذي ترتاح إليه النفس، وهو مقتضى حكم الرسول صلى الله عليه وسلم أنها لا تعتد، ولا تحرُم على زوجها، وأن لزوجها أن يجامِعها فورًا، ونستحب له ذلك حتى لا يلحقه القلق فيما بعد أو الشك.
طالب: شيخ، إذا قلنا بالمبادرة في الجماع، ألا يؤدي هذا إلى اختلاط الأنساب؟