مثال ذلك قال رجل لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، هذا حرام في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، كان هذا الطلاق واحدة، لكن كثر الطلاق فرأى عمر بسياسته الحكيمة أن يمنع الزوج من المراجعة، قال لك: أنت اللي ضيقت على نفسك، ومنعه من المراجعة، فتبعه الناس في هذا وقالوا: إن الرجل إذا طلَّق زوجته ثلاثًا بفم واحد حرمت عليه.
والصواب أن نقول: لا نقول: حرمت عليه، بل نقول: مُنِعَ من مراجعتها؛ لأن المنع هنا سياسة، انتبهوا لهذه النقطة
المفيدة، عمر رضي الله عنه لم يمنع الرجل من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثًا لأنها تحرم عليه، لكن منعه لئلا يعتاد الناس هذا العمل، أرجو الانتباه؛ ولهذا قال: أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم (٢).
الآن في عهدنا كثر الطلاق في الحيض، وكثر الطلاق في طهر جامع فيه، كثر كثرة عظيمة، لماذا؟ لأن الناس أفتوا بأن الطلاق في الحيض لا يقع، فياليتنا نقول: الطلاق في الحيض واقع؛ لأنك أنت الذي اخترته لنفسك فيقع، وإن كان في الأصل لا يقع فإننا نوقعه.
هذا إذا قلنا بعدم وقوع الطلاق في الحيض، ولكن القول بهذا يعتبر شاذًّا بالنسبة لأقوال العلماء لا بالنسبة للدليل، لكن بالنسبة لأقوال العلماء أكثر الأمة من أئمة وتابعين يقولون: إن الطلاق في الحيض واقع.