ولقد رأيت كلامًا للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجلة الجامعة الإسلامية يقول بوقوعه في الحيض، ويعلل ذلك بأن الذين يطلقون في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يُسْأَلُون هل طلقوا في الحيض أم لا؟ بل يمضى عليهم الطلاق، لكنه في النهاية أخيرًا صار يُفْتِي بعدم الوقوع، لكن هذه الفتوى أتدرون ماذا حصل منها؟ حصل منها التلاعب وكثر الطلاق في الحيض ولم يتقوا الله عز وجل، والله تعالى يقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢]، وهذا لم يتق الله، فلا ينبغي أن نجعل له مخرجًا؛ لأنه هو الذي ضيق على نفسه.
صار الناس الآن يتلاعبون؛ يأتي الإنسان قد طلَّق زوجته قبل عشرين سنة في حيض، ثم طلقها الثانية، ثم طلقها الثالثة، إذا طلقها الثالثة ماذا يكون؟ تحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره، فيأتي إذا ضاق به الأمر يقول: أنا طلقتها الثالثة، لكن الأولى في حيض، علشان إيه؟ علشان يقول: ما مضى إلا طلقتان، فأريد الرجوع، مثل هذا نفتيه -وأخبركم عن نفسي- نفتيه بأن الطلاق الأول الواقع في الحيض واقع ويحسب عليه، لماذا؟ لأن الرجل التزمه، وأنا أعتقد أنه لو انتهت عدتها في ذلك الوقت ثم تزوجها رجل آخر لم يأت الزوج ويقول: أنت تزوجت امرأتي، أبدًا، ولا يعرف الناس القول بأن الطلاق في الحيض لا يقع، فصار تلاعب من الناس، الآن يأتيك المحضر الذي يؤخذ على الزوج فيقال: هل طلقتها بعد الدخول أو قبل؟ قال: بعد الدخول، طلقتها في حيض أو طهر؟ قال: في طهر، جامعتها فيه أم لم تجامع؟ قال: جامعت، وهلم جرًّا، سلسلة من الاستفهامات التي أجزم جزمًا أنها لم تكن في عهد الصحابة، وأن الأصل في الطلاق أنه واقع صحيح، لا حاجة أن نسأل.