فالمهم -يا إخواننا- هذه المسائل يجب على طالب العلم ألَّّا ينظر إلى العلم نظرة خبرية فقط أو علمية فقط، يجب أن ينظر إليه نظرة علم وتربية، إذا كان الإفتاء بهذا القول يفسد الناس وإن كان يعتقده صحيحًا فله أن يمنع، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يعتقد أن هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم هو الصحيح؟
طلبة: بلى.
الشيخ: ومع ذلك امتنع منه خوفًا من الفتنة (٤)، هذه المسائل تخفى على كثير من طلبة العلم ولا يبالون، وهذا غلط.
وما أحسن ما قال ابن مسعود: كيف بكم إذا كثر القراء وقلَّ الفقهاء؟ (٥)، القراء من عندهم علم، الفقهاء من عندهم حكمة، إذا كثر القراء لكن ما فيه حكمة صار ضرر عظيم، بل إننا رأينا الآن في وقتنا هذا من يفتي بأقوال شاذة بعيدة عن الصواب؛ تسهيلًا على الناس، وهذا غلط، الواجب حمل الناس على ما تقتضيه الأدلة، وإن شق عليهم في أول مرة فسيكون في النهاية سهلًا، هذه في الواقع نصيحة ينبغي لطالب العلم أن يجعلها على باله وألَّا يهمل النظر للمستقبل.
يجيء إنسان مطلق الثالثة وواقع الآن في الفخ -كما يقولون- ثم يجيء يستفتي: واللهِ أنا طلقت زوجتي منذ عشرين سنة في حيض، يريد منا أن نقول؟
طلبة: لا يقع.
الشيخ: لا طلاق، وبعد خمس سنوات طلقتها في طهر جامعتها فيه، يريد أن نقول؟
طلبة: لا طلاق.
الشيخ: لا طلاق، وهذه المرة غضبت غضبًا شديدًا وطلقتها، يريد منا أن نقول: لا طلاق، معناه كل الطلقات راحت، هذا ما هو صحيح أبدًا، وأنا ألزم من طلق في حيض بعد انتهاء العدة ألزمه بوقوع الطلاق، وأقول: أرأيت لو أن أحدًا تزوجها بعد انقضاء عدتها أتخاصمه وتقول: هذه زوجتي؟ ما تقول هذا، أما لما ضاقت بك الحيل تجيء ( ... ) تقول: واللهِ طلقت بحيض، ما هو صحيح.