ولا يَرِد على ذلك أن كثيرًا من الصحابة رضي الله عنهم كانوا معسرين، ولم تفسخ زوجاتهم منهم؛ لأن الجواب على هذا من أحد وجهين؛ أولًا: من يقول: إنهن طالبن؟ فلعلهن رَضِين بذلك، ثانيًا: نقول: إنها إذا تزوجت عالمةً بعسرته فليس لها حق الفسخ بلا شك؛ إذا تزوجته عالمةً بعسرته فقد دخلت على بصيرة فليس لها حق الفسخ، وحينئذٍ يكون القول الصحيح في هذه المسألة الراجح عندنا أنها إذا أمكنها أن تعيش بعملها وأذن لها في ذلك فليس لها حق الفسخ، وهو في هذه الحال كأنه المنفق؛ لأنه بإذنه لها فوَّت على نفسه الاستمتاع بها.
ثانيًا: إذا كانت قد تزوجته عالمةً بعُسرته فليس لها حق الفسخ؛ وذلك لأنها قد دخلت على بصيرة، وهذا واضح أيضًا، أما إذا كانت المرأة ليس بيدها مهنة يمكنها أن تعيش فيها، والزوج ليس يمكن أن ينفق عليها، فإنها في حاجةٍ إلى النفقة، فلها الحق أن تطالب بالفسخ لتتزوج من يمكنه أن ينفق عليها.
الإنفاق على المفارقة بموتٍ أو حياة؛ أولًا: المفارقة بموت ليس لها نفقةٌ على زوجها؛ وذلك لأن المال انتقل منه إلى الورثة، فليس المال ماله الآن، بل المال مال غيره، فليس للمرأة حقٌّ فيه، وعلى هذا فالمفارقة بموت ليس لها نفقةٌ مطلقًا، حتى ولو كانت حاملًا؟ نعم، حتى ولو كانت حاملًا، فإذا قال قائل: إذا كانت حاملًا فإن الله يقول: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٦]، قلنا: لكن المخاطب في ذلك ميت، ما توجه إليه الخطاب، إلا أنه يقال: إذا كانت المفارقة بموتٍ حاملًا فإن لها النفقة في حصة الحمل، كيف في حصة الحمل؟