الشرط الثالث اتفاقُهما في الدِّين، مَنْ؟ المنفِق والمنفَق عليه؛ فإن كان الغني مسلمًا والفقير كافرًا، لم تجب النفقة؛ وذلك لأن الله تبارك وتعالى قيَّد وجوب النفقة بالإرث؛ فقال:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، فلما علَّق الحكم بوصفٍ وهو الإرث وجب أن يكون ذلك الوصف علة الحكم؛ يثبت الحكم بثبوته وينتفي بانتفائه، ولأن اختلاف الدين موجِبٌ للانقطاع التام بين المسلم والكافر؛ لقوله تعالى لنوح عليه الصلاة والسلام في ابنه:{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}[هود: ٤٦]، فإذا كان لا صلة بينهما ولا نَسَبَ بينهما شرعًا، وإن كان حسًّا فيهما نسب، فإنه لا يجب الإنفاق، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»(١١)، لو كان الأمر بالعكس؛ كافر غني وقريبه مسلم، يجب عليه الإنفاق ولا ما يجب؟ لا يجب، لا يجب بمعنى أنه لا يُلْزَم به؛ لأنه كافر والكافر غير ملتزم بأحكام المسلمين، أما بالنسبة أنه يُعاقَب عليه في الآخرة فإن الله تعالى يعاقب الكفار على كل شيء يعاقب به المسلمين؛ الأصول والفروع.