عندنا أن يكون المنفق وارثًا للمنفق عليه، الفقهاء يزيدون شرطًا وقيدًا في هذه المسألة ويقولون: وارثًا للمنفق عليه بفرضٍ أو تعصيب، وأما إذا كان وارثًا بالرحم فلا يجب الإنفاق عليه؛ يعني: بعض العلماء وهم فقهاء الحنابلة يقولون: لا بد أن يكون وارثًا بفرضٍ أو تعصيب، فعلى هذا الوارث بالرحم لا يجب عليه النفقة؛ كالخال مثلًا لا يجب عليه الإنفاق على ابن أخته؛ لأنه يرث بالرحم، لا بالفرض والتعصيب، ولكن ظاهر الآية يخالف ما ذهبوا إليه؛ لأن قوله:{وَعَلَى الْوَارِثِ}[البقرة: ٢٣٣] يشمل مَن؟ الوارث بفرضٍ أو تعصيب أو رحم، فما دام هذا الإنسان الغني وارثًا لهذا الإنسان الفقير، فإن ظاهر الآية الكريمة يدل على وجوب الإنفاق عليه.
ويقولون: إلا في الأصول والفروع، ففي الأصول لا يُشترط أن يكون وارثًا؛ يعني أنه يجب على الأصل أن ينفق على فرعه وإن لم يكن وارثًا منه؛ الدليل من القرآن قال الله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ}[البقرة: ٢٣٣]، ثم قال:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}[البقرة: ٢٣٣]؛ فدل هذا على أن المولود له لا يُشترَط أن يكون وارثًا، وأنه بمجرد أن يكون أصلًا يجب عليه أن ينفق على فرعه، فإن العطف يقتضي المغايرة، لكن بقينا فيما إذا كان فرعًا يريد أن ينفق على أصله؛ مثل ابن البنت له جدٌّ فقير، الجد هذا أصل، أليس هكذا؟ هل يجب على ابن البنت أن ينفق عليه؟
نقول: نعم، يجب، بناء على هذه القاعدة، يجب وإن لم يكن وارثًا له؛ لأن الأصول والفروع لا يُشترط فيهم الإرث. ذكرنا الدليل للأصول، لكن ما هو الدليل للفروع؟