للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن هذه الجناية غير مأذون فيها، عدوان محض، والمعتدي يجب عليه ضمان عدوانه وما ترتب عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (٧). فكما أن الظلم في الأموال يسري إلى كل ما ترتب عليه، كذلك هنا يسري الضمان إلى كل ما ترتب على هذا العدوان، واضح؟

إذن نقول: لماذا كانت مضمونة؟ لأنها نتيجة عمل عدواني، والعمل العدواني مضمون، وكذلك ما ترتب عليه لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ»، فما ترتب على العدوان فإنه عدوان، إلا أنه يُستثنى من هذا على المذهب مسألة واحدة: إذا اقتص من الجاني قبل البُرء فإنها السراية لا تضمن، كيف ذلك؟

مثلًا قبل أن يبرأ الجرح طَالَب المجني عليه بأن يقتص من الجاني، الجاني قطع أصبعه، مفهوم؟ هذه جناية، فقال المقطوع أصبعه: لا بد أن تقتصوا من الجاني وطَالَب بهذا، فعلًا اقتصصنا من الجاني، المجني عليه جرحه سرى إلى الكف كلها، وسقطت كل كفه، فهل نعود إلى الجاني ونقطع كفه ولَّا لا؟ ما نفعل؛ لأنه لما اقتص قبل البُرء فقد رضِي بأي شيء؟ بأن يكون القصاص بمقتضى الجناية، لا بمقتضى السراية، إذا اقتص قبل البرء فقد رضي كأنه أسقط حقه، يُقال: أنت الآن اقتصصت على وجه -أصلًا مُحرَّم أنه يقتص قبل البُرء، يجب الانتظار، لكن قد يطالب، يقول: ما أنا بقادر أنتظر حتى يبرأ جرحي، أبغي الآن أن أقتص منه ما دام المسألة في حرتها، فإذا اقتص منه، ثم سرى بعد القصاص فإنه لا يُضمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>