الوجه الثاني: أن فيها أيمانًا من المدعين مع أنهم لم يشهدوا، ما رأوا بأعينهم أن فلانًا قاتل فلان، ومع ذلك أبحنا لهم، ويش أبحنا لهم؟ اليمين، وهذا مشكل، كيف نُجيز اليمين لرجل ما رأى؟
الوجه الثالث: أن العادة في الأيْمان أن تكون يمينًا واحدًا، وهنا كُرِّرت الأيمان خمسين يمينًا.
ومن ثم من أجل هذه المخالفات الثلاث أنكرها بعض أهل العلم من الخلَف والسلف، وممن أنكرها عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وقال: ما يمكن أنه يُقضى بالقسامة؛ لأنها مخالفة لهذه الأمور الثلاثة، ولكنه لا شك أن قول عمر بن عبد العزيز، ومن هو أفضل منه، ومن هو دون منه إذا خالف الشرع فإنه ليس بشيء، ولا يُعتبر شيئًا؛ لأن حديث القسامة ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة طرق، فلا يمكن إلغاؤه لمجرد أن فلانًا خالفه.
إذن هي ثابتة، ولكننا يمكن أن نبين أن القسامة جارية على الأصول ولو مع هذه المخالفات؛ فالأول: قلنا: إن اليمين من جانب المدعي، والعادة أنه من جانب المدَّعَى عليه. نقول: حقيقةً من تأمل الشرع وجد أن اليمين ليست في جانب المدَّعِي، بل اليمين فيمن ترجَّح جانبه سواء كان من جهة المدعي أو من جهة المدَّعى عليه، أفهمتم؟ مثلًا أنا ادعيت على هذا الرجل بأن القلم اللي في يده لي، وهو يقول: لا، لي أنا، من الراجح أنه له؟ المدَّعَى عليه؛ لذلك كانت اليمين في جانبه، لكن لو أتيت بشاهد يشهد أن القلم لي، ما عندي إلا ها الشاهد فقط، أنا الآن أحلف وآخذ القلم، فصارت اليمين في جانبي، لماذا؟ لأنه ترجح جانبي بأي شيء؟ بالشاهد هذا، ولكن هذا الشاهد لم يكن بينة تامة حتى لا أحتاج أنا إلى اليمين.