ومن العلماء من يقول: إن هذا القياس ليس بصحيح، وإنه يجب على قاذف المحصَن ولو كان عبدًا يجب عليه ثمانون جلدة، واستدلوا بعموم الآية:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}، وكلمة (الذين) اسم موصول من صِيَغ العموم، فيشمل كل مَن رمى المحصنات، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ}.
أما القياس فيقولون: إن هذا قياس مع الفارق؛ لأن وجوب الحد على الزاني لتطهيره، ووجوب الحد على القاذف لتطهير المقذوف، أليس كذلك؟ لماذا جَلَدْنَا هذا القاذف؟ حماية لعِرْض المقذوف، وعرض المقذوف يتدنس، سواء كان القاذف حُرًّا أو عبدًا، بخلاف الزنا، فالزنا بالنسبة للأحرار ليس كالزنا بالنسبة للأرِقَّاء، أما المقذوف ما ذنبه إذا كان القاذف رقيقًا؟ هو سوف يلحقه العار سواء كان القاذف رقيقًا أو حرًّا.
ولذلك الصحيح في هذه المسألة أننا لا نشترط لوجوب الثمانين أن يكون القاذف حرًّا، وعليه فالثاني قذْفُ المحصَن إذا كان القاذف رقيقًا يُلْغَى على هذا القول، الثاني ويش هو الثاني؟ أربعون جلدة، قَذْفُ المحصَن إذا كان القاذف رقيقًا، بناء على أيش؟ بناء على قياس حد القذف على حد الزنا، حد الزنا بنص القرآن أنه النصف.
ولكننا نقول: هذا القياس ليس بصحيح، وعلى هذا فيسقط القسم الثاني الذي هو أربعون جلدة، ويكون حد القذف ثمانين جلدة، أو التعزير فقط، على القول الراجح.
الثالث: قذف غير المحصَن، ويش هو الثالث؟ التعزير، قذف غير المحصَن، والتعزير سيأتينا إن شاء الله أنه التأديب، وأنه يختلف بحسب الحال، قد يحتاج إلى جَلْد، أو إلى حبس، أو إلى توبيخ، أو إلى خصم من راتبه، أو غير ذلك، يأتينا إن شاء الله فيما بعد.
إذا قذف شخصًا غَيْرَ معيَّن، بأن قال: واحد من هذا البيت زانٍ، ويش يصير؟ يصير تعزير، يُعَزَّر؛ لأنه ما عَيَّن أحدًا يلحقه العيب والعار.