للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: طيب، هذا الأول من مراتب قطع اليد في السرقة دَلَّ عليه قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، والأمر للوجوب، وقوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية عامة، كلمة (يد)، فيقتضي أن يكون ذلك راجعًا إلى تعيين الإمام، ولكنه قد جاء فيه قراءة أخرى: (فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا)، وعلى هذا فتكون القراءة الثانية مُفَسِّرَة لهذه القراءة، ويكون المقصود باليد اليد اليمنى، ولأن ذلك أيضًا هو الموافق للجناية؛ إذ إن الغالب أن الأخذ والإعطاء يكون باليمين، فكانت هي موضع العقوبة دون اليسار.

ثالثًا: ولأن هذا أَنْكَى وأبلغ في تأديب هذا السارق أن يسرق مرة ثانية، وفي تحذير غيره أيضًا من السرقة.

وقولنا: (من مفصل الكف) ( ... )؛ لأن اليد إذا أُطْلِقَت فإنما يراد بها الكف، بدليل أنها في الوضوء قُيِّدَت بقوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦].

( ... ) ذلك من نفس الْمَفْصِل، فلا يجوز مما فوقه ولا مما دونه، ولكن كيف يكون القطع ما دام على هذا الوصف؟ قالوا: إنه يجب أن تُمْسَك يده ويشدها رجل قوي حتى يتبين المفصل ثم تُقْطَع بالسكين؛ لأن السكين أبلغ في التحديد.

وعلى كل حال العلماء في هذه المسائل يتكلمون عما يعرفونه، فإذا وُجِدَ طريقة غير هذه الطريقة في الطب كالعملية مثلًا، قد تكون العملية أهون من هذا، فإنه يُتَّبَع.

وهنا سؤال: هل يحوز عند القطع أن يُبَنَّج أو لا يجوز؟ نقول: بل يجوز؛ لأن المقصود هو قطع اليد، ويحصل مع البنج وعدمه، وأما إذا كان قطعها قصاصًا فإنه لا يجوز أن يُبَنَّج، وذلك لأن الجاني في باب القصاص أَذَاقَ المجني عليه الألم وفَقْدَ العضو، فلا يمكن أن نقتصر نحن على أحد الأمرين وهو قطع العضو، أما في باب الحد فالمقصود هو القطع، ويحصل ذلك ولو بالتبنيج.

لو قال قائل: إذن يجوز أن يُبَنَّج الإنسان عند الجلد في الزنا والقذف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>