والذين يقولون: إنهم يُغَسَّلُون أولًا ويُكَفَّنُون ويُصَلَّى عليهم قالوا: لأن هذه حقوق للميت ينبغي المبادرة بها، ثم يُصْلَب وهو في كفنه قبل أن يُدْفَن، أيّ هذه الأقوال أولى؟
طالب: الأوسط.
الشيخ: الظاهر أن الأوسط هو الوسط، وهو الأولى؛ لأن صَلْبَه بعد التكفين والصلاة عليه ما يوجب العار والذل عليه، ثم هو شيء ملفوف ما يحصل به من الرعب مثل ما يحصل إذا كان مَكْسُوًّا كأنه حي.
ثم الصلب إلى متى ينتهي؟ قال بعض العلماء: ينتهي بانتهاء ثلاثة أيام، إذا مضى عليه ثلاثة أيام وجب أن يُنَزَّل.
وقال بعض العلماء: إنه يبقى إلى أن يتفسخ أو ينتن فيتأذى الناس به، فإذا خِيفَت أَذِيَّتُه نُزِّل.
والمشهور من المذهب أنه يُصْلَب حتى يشتهر، إذا اشتهر بين الناس وتبين أمره فإنه يُنَزَّل، وعلى هذا فمثلًا إذا كان الصلب يوم الجمعة اشتهر أكثر مما لو صُلِبَ في غير يوم الجمعة، لماذا؟ لأن اجتماع الناس يوم الجمعة أكبر من اجتماعهم في غير الجمعة، فيكون اشتهاره أوسع، وبناء على هذا نقول: إذا اشتهر أمره في البلد وتبيَّن فإنه يُكْتَفَى بذلك، ويُنَزَّل ويُدْفَن.
المذهب أنه يكون الصلب كما قلت لكم متى؟ بعد التغسيل والتكفين والصلاة.
وأما قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى فمن أين يكون القطع؟ يكون القطع -كما سبق في السرقة- من مفصل الكف بالنسبة لليد، ومن مفصل العقب بالنسبة للرِّجْل.
وأما النفي من الأرض فهو التشريد، تشريدهم من الأرض بحيث لا يُتْرَكُون يأوون إلى بلد، كلما جاؤوا إلى بلد طُرِدُوا من البلد، هذا هو النفي؛ لأن النفي من الأرض نهائيًّا غير ممكن، إلا إلى السماء، والنفي إلى السماء ليس بممكن.
إذن يكون المراد بالأرض هنا الأرض المسكونة، وهي القرى والمدن، فيُنْفَوْن منها فلا يُتْرَكُون يأوون إلى بلد.